الفكر فيها ، وترك الاستعداد لها. والمراد بالنسيان : خلاف التذكّر. يعني : أنّ الانهماك في الشهوات أذهلكم وألهاكم عن تذكّر العاقبة ، وسلّط عليكم نسيانها.
ثمّ قال على سبيل المقابلة والمزاوجة : (إِنَّا نَسِيناكُمْ) أي : جازيناكم جزاء نسيانكم ، وتركناكم من الرحمة. أو تركناكم في العذاب ترك المنسيّ. وفي استئنافه وبناء الفعل على «إنّ» واسمها تشديد في الانتقام منهم.
(وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) كرّر الأمر للتأكيد ، ولما نيط به من التصريح بمفعوله ، وتعليله بأفعالهم السيّئة ، من التكذيب والمعاصي ، كما علّله بتركهم تدبّر أمر العاقبة والتفكّر فيها ، دلالة على أنّ كلّا منهما يقتضي ذلك.
والمعنى : فذوقوا هذا ـ أي : ما أنتم فيه من نكس الرؤوس والخزي ـ بسبب نسيان اللقاء ، وذوقوا العذاب المخلّد في جهنّم ، بسبب ما عملتم من المعاصي والكبائر الموبقة.
(إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ