وأجلد منك جلدا ، وأذرب منك لسانا ، وأحدّ منك سنانا ، وأشجع منك جنانا ، وأملأ منك حشوا في الكتيبة ، أي : أبدن. فقال له عليّ عليهالسلام : اسكت! فإنّك فاسق. فنزلت عامّة للمؤمنين والفاسقين ، فتناولتهما وكلّ من كان في مثل حالهما.
وعن الحسن بن عليّ عليهالسلام : قال للوليد : كيف تشتم عليّا ، وقد سمّاه الله مؤمنا في عشر آيات ، وسمّاك فاسقا؟
قال قتادة : لا والله ما استووا ، لا في الدنيا ، ولا عند الموت ، ولا في الآخرة.
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) عذاب الدنيا ، من أنواع المصائب والمحن في الأنفس والأموال. وعن ابن مسعود : هو القتل يوم بدر بالسيف. وعن مقاتل : هو ما ابتلوا به من الجوع سبع سنين بمكّة ، حتّى أكلوا الجيف والكلاب : وعن عكرمة : هو الحدود. وعن مجاهد : عذاب القبر. وهو مرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام.
(دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) عذاب الآخرة. والمعنى : نذيقهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا إلى عذاب الآخرة. (لَعَلَّهُمْ) لعلّ من بقي منهم (يَرْجِعُونَ) يتوبون عن الكفر.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) أي : لا أحد أظلم لنفسه ممّن نبّه على حجج الله الموصلة إلى معرفته (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) فلم يتفكّر فيها. و «ثمّ» لاستبعاد الإعراض عنها. والمعنى : أنّ الإعراض عن مثل آيات الله ، في فرط وضوحها وإنارتها ، وإرشادها إلى سواء السبيل ، والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها ، مستبعد جدّا في العقل والعدل ، كما تقول لصاحبك : وجدت مثل تلك الفرصة ثمّ لم تنتهزها ، استبعادا لتركه الانتهاز.
(إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) فكيف ممّن كان أظلم من كلّ ظالم؟! وتحرير المعنى : أنّه لمّا جعل المعرض عن الآيات الواضحة مع علمه بها أظلم الناس ، ثمّ توعّد المجرمين عامّة بالانتقام منهم ، فقد دلّ على إصابة الأظلم النصيب الأوفر من الانتقام. فلإفادة هذا المعنى لم يقل : إنّا منه منتقمون ، لأنّه لم يفد هذا المعنى.