وقيل : المأوى نوع من الجنان. قال الله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (١). سمّيت بذلك ، لما روي عن ابن عبّاس أنّه قال : تأوي إليها أرواح الشهداء. وقيل : هي عن يمين العرش.
(نُزُلاً) عطاء (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) بسبب أعمالهم ، أو على أعمالهم.
والنزل في الأصل عطاء النازل ، ثمّ صار عامّا. وقد سبق مزيّة تفسيره في سورة آل عمران (٢).
(وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ) أي : ملجؤهم ومنزلهم. ويجوز أن يراد : فجنّة مأواهم النار ، أي : النار لهم ، مكان جنّة المأوى للمؤمنين ، كقوله : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣).
(كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) عبارة عن خلودهم فيها. وقد مرّ بيانه في سورة الحجّ (٤). (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا) مع ذلك (عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) إهانة لهم ، وزيادة في غيظهم.
وفي هذا دلالة على أنّ المراد بالفاسق هنا الكافر. قال ابن أبي ليلى : نزل قوله : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً ...) الآيات ، في عليّ بن أبي طالب ورجل من قريش.
وقال غيره (٥) : نزلت في عليّ بن أبي طالب ، والوليد بن عقبة. فالمؤمن : عليّ ، والفاسق : الوليد. وذلك أنّه شجر بين عليّ بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط يوم بدر كلام ، فقال له الوليد : اسكت! فإنّك صبيّ ، وأنا أشبّ منك شبابا ،
__________________
(١) النجم : ١٣ ـ ١٥.
(٢) راجع ج ١ ص ٦٢٥ ، ذيل الآية ١٩٨ من سورة آل عمران.
(٣) الانشقاق : ٢٤.
(٤) راجع ج ٤ ص ٣٨٠ ، ذيل الآية ٢٢ من سورة الحجّ.
(٥) راجع الكشّاف ٣ : ٥١٤.