حارثة بن شراحيل الكلبي ، من بني عبدودّ ، عتيق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ابن محمّد. فردّ الله عليهم بقوله :
(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) أي : ما جمع قلبين في جوف ، لأنّ القلب معدن الروح الحيواني المتعلّق بالنفس الإنساني أوّلا ، ومنبع القوى بأسرها ثانيا ، وهو يمنع التعدّد. ولأنّ صاحب القلبين لا يخلو : إمّا أن يفعل بأحدهما مثل ما يفعل بالآخر من أفعال القلوب ، فأحدهما فضلة غير محتاج إليها. وإمّا أن يفعل بهذا غير ما يفعل بذاك ، فذلك يؤدّي إلى اتّصاف الجملة بكونه مريدا كارها ، عالما ظانّا ، موقنا شاكّا ، في حالة واحدة ، وهو محال.
وروي : أنّ جميل بن أسد انهزم يوم بدر ، فمرّ بأبي سفيان وهو معلّق إحدى نعليه بيده والاخرى في رجله ، فقال له : ما فعل الناس؟ فقال : هم ما بين مقتول وهارب. فقال له : ما بال إحدى نعليك في رجلك والاخرى في يدك؟ فقال : ما ظننت إلّا أنّهما في رجليّ. فأكذب الله قوله وقولهم.
وعن ابن عبّاس : كان المنافقون يقولون : لمحمد قلبان. ينسبونه إلى الدهاء ، فأكذبهم الله.
وعن الحسن : نزلت في رجل كان يقول : لي نفس تأمرني ، ونفس تنهاني.
وقيل : هو ردّ على المنافقين. والمعنى : ليس لأحد قلبان ، يؤمن بأحدهما ويكفر بالآخر ، وإنّما هو قلب واحد ، فإمّا أن يؤمن ، وإمّا أن يكفر.
وقيل : هذه الآية متّصلة بما قبلها. والمعنى : أنّه لا يمكن الجمع بين اتّباعين متضادّين : اتّباع الوحي والقرآن ، واتّباع أهل الكفر والطغيان. فكنّى عن ذلك بذكر القلبين ، لأنّ الاتّباع يصدر عن الاعتقاد ، والاعتقاد من أفعال القلوب ، فكما لا يجتمع قلبان في جوف واحد ، لا يجتمع اعتقادان متضادّان في قلب واحد.
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، يحبّ بهذا