قوما ، ويحبّ بهذا أعداءهم».
والتنكير في رجل ، وإدخال «من» الاستغراقيّة على «قلبين» تأكيدان لما قصد من المعنى. كأنّه قال : ما جعل الله لأمّة الرجال ، ولا لواحد منهم ، قلبين البتّة في جوفه.
وفائدة ذكر الجوف كالفائدة في قوله : (الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (١). وذلك ما يحصل للسامع من زيادة التصوّر والتجلّي للمدلول عليه ، لأنّه إذا سمع به صوّر لنفسه جوفا يشتمل على قلبين ، فكان أسرع إلى الإنكار.
(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) وما جعل الزوجيّة والامومة في امرأة.
وقرأ أبو عمرو : اللّاي بالياء وحدها ساكنة ، على أنّ أصله : اللّاء بهمزة فخفّفت. وعن الحجازيّين مثله. وعنهما ويعقوب بالهمزة وحدها.
وأصل «تظّهّرون» : تتظهّرون ، فأدغمت التاء الثانية في الظاء. وقرأ ابن عامر : تظّاهرون بالإدغام. وحمزة والكسائي بالحذف. وعاصم : تظاهرون ، من : ظاهر.
ومعنى الظهار : أن يقول الرجل للزوجة : أنت عليّ كظهر أمّي. مأخوذ من الظهر باعتبار اللفظ ، كالتلبية من : لبّيك. وتعديته بـ «من» لتضمّنه معنى التجنّب ، لأنّه كان طلاقا في الجاهليّة. وهو في أوّل الإسلام يقتضي الطلاق ، أو الحرمة إلى أداء الكفّارة.
وإنّما جعلوا الكناية عن البطن بالظهر ، لأنّه عمود البطن ، فذكره يقارب ذكر الفرج. أو للتغليظ في التحريم ، فإنّهم كانوا يحرّمون إتيان المرأة وظهرها إلى السماء. وسنذكر إن شاء الله تحقيق الظهار في سورة المجادلة.
__________________
(١) الحجّ : ٤٦.