(ذلِكُمْ) إشارة إلى كلّ ما ذكر ، أو إلى الأخير. (قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) لا حقيقة له في الأعيان (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) ما له حقيقة عينيّة مطابقة له (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) سبيل الحقّ. وهو قوله : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) انسبوهم إليهم. فهذا إفراد للمقصود من أقواله الحقّة. وقوله : (هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) تعليل له. والضمير لمصدر «ادعوا». وأقسط أفعل التفضيل ، قصد به الزيادة مطلقا. من القسط بمعنى العدل. ومعناه : البالغ في الصدق.
روى سالم عن ابن عمر ، قال : ما كنّا ندعو زيد بن حارثة إلّا زيد بن محمّد ، حتّى نزل القرآن : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ).
(فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ) فتنسبوهم إليهم (فَإِخْوانُكُمْ) فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) وأولياؤكم فيه. فقولوا : هذا أخي ومولاي ، ويا أخي ، ويا مولاي. يعني : الاخوّة في الدين ، والولاية فيه.
(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) أي : ولا إثم عليكم (فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) فيما فعلتموه من ذلك مخطئين ، قبل النهي أو بعده ، على النسيان ، أو سبق اللسان. أو ظننتم أنّه أبوه ، ولم تعلموا أنّه ليس بابن له ، فلا يؤاخذكم الله به.
(وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) في محلّ الجرّ عطفا على (فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) أي : ولكنّ الجناح فيما تعمّدت قلوبكم وقصدتموه ، من دعائهم إلى غير آبائهم. أو مرفوع على الابتداء ، والخبر محذوف ، تقديره : ولكن ما تعمّدت قلوبكم فيه الجناح والمؤاخذة.
(وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) لعفوه عن الخاطئ ، وعن العمد إذا تاب العامد.
وفي هذه الآية دلالة على أنّه لا يجوز الانتساب إلى غير الأب. وقد وردت السنّة بتغليظ الأمر فيه.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من انتسب إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه ، فعليه لعنة الله».