بن عبد الله ، قال : كنّا يوم الخندق نحفر الخندق ، فعرضت فيه كدية (١) ، وهي الجبل ، فقلنا : يا رسول الله! إن كدية عرضت فيه؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : رشّوا عليها ماء. ثمّ قام فأتاها وبطنه معصوب بحجر من الجوع ، فأخذ المعول أو المسحاة ، فسمّى ثلاثا ، ثمّ ضرب فعادت كثيبا (٢) أهيل.
فقلت له : ائذن لي يا رسول الله إلى المنزل؟ ففعل. فقلت للمرأة : هل عندك من شيء؟ فقالت : عندي صاع من شعير وعناق (٣). فطحنت الشعير وعجنته ، وذبحت العناق وسلختها. وخلّيت بين المرأة وبين ذلك ، ثمّ أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجلست عنده ساعة ، ثمّ قلت : ائذن لي يا رسول الله ، ففعل. فأتيت المرأة فإذا العجين واللحم قد أمكنا. فرجعت إلى رسول الله فقلت : إنّ عندنا طعيما لنا ، فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك.
فقال : وكم هو؟
قلت : صاع من شعير وعناق.
فقال للمسلمين جميعا : قوموا إلى جابر. فقاموا. فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلّا الله. فقلت : جاء بالخلق على صاع شعير وعناق. فدخلت على المرأة وقلت : قد افتضحت جاءك رسول الله بالخلق أجمعين.
فقالت : هل كان سألك كم طعامك؟
قلت : نعم.
فقالت : الله ورسوله أعلم ، قد أخبرناه ما عندنا.
قلت : فكشفت عنّي غمّا شديدا.
__________________
(١) الكدية : الأرض الصلبة الغليظة.
(٢) الكثيب : التلّ من الرمل. والأهيل : المنهال المنصبّ.
(٣) العناق : الأنثى من أولاد المعز قبل استكمالها السنة.