فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : خذي ودعيني من اللحم. فلمّا جاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أصحابه ، جعل يثرد ويفرّق اللحم ، ثمّ يحمّ (١) هذا ويحمّ هذا ، فما زال يقرّب إلى الناس حتّى شبعوا أجمعين ، ويعود التنّور والقدر أملأ ما كانا. ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كلي واهدي. فلم نزل نأكل ونهدي قومنا أجمع. أورده البخاري (٢) في الصحيح.
وعن أبي الوليد ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قالوا : ولمّا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الخندق ، أقبلت قريش حتّى نزلت بين الجرف (٣) والغابة ، في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة ، وقائدهم أبو سفيان. وخرج غطفان في ألف ، ومن تابعهم من أهل نجد ، وقائدهم عيينة بن حصين. وعامر بن الطفيل في هوازن. وضامّتهم اليهود من قريظة والنضير ، حتّى نزلوا إلى جانب أحد. وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع ثلاثة آلاف من المسلمين ، فضرب في سلع (٤) عسكره ، والخندق بينه وبين القوم. وأمر بالذراري والنساء فرفعوا في الآطام (٥).
وخرج عدوّ الله حييّ بن أخطب النضيري حتّى أتى كعب بن أسد القرظي صاحب بني قريظة ، وكان قد وادع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على قومه ، وعاهده على ذلك.
فلمّا سمع كعب صوت ابن أخطب أغلق دونه حصنه. فاستأذن عليه ، فأبى أن يفتح له.
__________________
(١) حمّ الشيء : قرب. ويستعمل الرباعيّ متعدّيا. يقال : أحمّ الشيء أي : قرّبه.
(٢) صحيح البخاري ٥ : ١٣٨.
(٣) الجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام.
(٤) السلع : الشقّ.
(٥) الأطم : القصر والحصن المبنيّ بالحجارة ، وكلّ بناء مرتفع. وجمعه : آطام.