(قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ) من حتف الأنف (أَوِ الْقَتْلِ) في وقت معيّن سبق به القضاء ، وجرى عليه القلم (وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) أي : إن نفعكم الفرار مثلا في هذا الوقت ، فمتّعتم بالتأخير ، لم يكن ذلك التمتيع إلّا تمتيعا أو زمانا قليلا.
(قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) أي : أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة. فاختصر الكلام ، كما في قوله : متقلّدا سيفا ورمحا (١). أو حمل الثاني على الأوّل ، لما في العصمة من معنى المنع. فلا يقال : كيف جعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة ، ولا عصمة إلّا من السوء؟ (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا) ينفعهم (وَلا نَصِيراً) يدفع الضرّ عنهم.
(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) المثبّطين غيرهم عن الجهاد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهم المنافقون. (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) من ساكني المدينة ، من المنافقين أو ضعفة المسلمين أو اليهود : ما محمّد وأصحابه إلّا أكلة (٢) رأس ، ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه (هَلُمَّ إِلَيْنا) قرّبوا أنفسكم إلينا ، ودعوا محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهو لغة أهل الحجاز ، يسوّون فيه بين الواحد والجماعة. وأمّا تميم فيقولون : هلمّ يا رجل ، وهلمّوا يا رجال. وهو صوت سمّي به فعل متعدّ مثل : احضر وقرّب. وقد ذكر مثل ذلك في الأنعام (٣).
(وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) ولا يحضرون القتال (إِلَّا قَلِيلاً) إلّا إتيانا قليلا ،
__________________
(١) وصدره : ورأيت زوجك في الوغى والوغى : الحرب. ورمحا منصوب بمحذوف يناسبه ، أي : متقلّدا سيفا وحاملا رمحا.
(٢) أي : قليلون يشبعهم رأس واحد. وهو جمع آكل. والالتهام : الابتلاع.
(٣) راجع ج ٢ ص ٤٧٧ ، ذيل الآية ١٥٠ من سورة الأنعام.