يخرجون مع المؤمنين ، يوهمون أنّهم معهم. أو زمانا قليلا ، أو بأسا قليلا ، فإنّهم يعتذرون ويثبّطون ما أمكن لهم. أو يخرجون مع المؤمنين ، ولكن لا يقاتلون إلّا شيئا قليلا ، كقوله : (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) (١).
وقيل : إنّه من تتمّة كلامهم. ومعناه : ولا يأتي أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حرب الأحزاب ، ولا يقاومونهم إلّا قليلا.
(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) بخلاء عليكم بالقتال معكم ، أو بالنفقة في سبيل الله ، أو الظفر ، أو الغنيمة. جمع شحيح. ونصبها على الحال من فاعل «يأتون» أو «المعوّقين». أو على الذمّ.
ثمّ أخبر عن جبنهم بقوله : (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) خوفا ولو إذا بك (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) في أحداقهم (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ) كنظر المغشيّ عليه ، أو كدوران عينيه ، أو مشبّهين به ، أو مشبّهة أعينهم بعينه (مِنَ الْمَوْتِ) من معالجة سكرات الموت.
(فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) والفزع ، وجاء الأمن والغنيمة ، وحيزت الغنائم ، ووقعت القسمة (سَلَقُوكُمْ) آذوكم (بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) سليطة ذربة (٢) ، يطلبون الغنيمة.
والسلق : البسط بقهر ، باليد أو باللّسان. وعن قتادة : معناه : بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة ، يقولون : أعطونا أعطونا ، فلستم أحقّ بها منّا.
ثمّ قال : فأمّا عند البأس فأجبن قوم وأخذلهم للحقّ ، وأمّا عند الغنيمة فأشحّ قوم. وهو قوله : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) بخلاء بالغنيمة ، يشاحّون المؤمنين عند القسمة. ونصبه على الحال أو الذمّ. وليس بتكرير ، لأنّ كلّ واحد منهما مقيّد من وجه.
__________________
(١) الأحزاب : ٢٠. وسيأتي تفسيرها عن قريب.
(٢) لسان ذرب أي : حديد حادّ.