لزيد ، وكان إذا أبطأ عليه زيد أتى منزله فيسأل عنه. فأبطأ عليه يوما ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منزله ، فإذا زينب جالسة وسط حجرتها ، تسحق طيبا بفهر (١) لها ، فدفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الباب ، فلمّا نظر إليها قال : سبحان خالق النور ، تبارك الله أحسن الخالقين ، ورجع.
فجاء زيد ، وأخبرته زينب بما كان ، وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال لها : لعلّك وقعت في قلب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهل لك أن أطلّقك حتّى يتزوّجك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
فقالت : أخشى أن تطلّقني ولا يتزوّجني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فجاء زيد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : يا رسول الله إنّي أريد أن أفارق صاحبتي.
فقال : ما لك أرابك منها شيء؟
قال : لا والله ما رأيت منها إلّا خيرا ، ولكنّها لشرفها تتعظّم عليّ وتؤذيني.
فقال له : أمسك عليك زوجك ، واتّق الله. ثمّ طلّقها بعد. فنزلت : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ)
بتوفيقه للإسلام الّذي هو أجلّ النعم ، وتوفيقك لعتقه واختصاصه ومحبّته (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بما وفّقك الله بإعتاقه. فهو متقلّب في نعمة الله ونعمة رسوله. وهو زيد بن حارثة. (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) يعني : زينب بنت جحش (وَاتَّقِ اللهَ) في أمرها ، فلا تطلّقها ضرارا أو تعلّلا بتكبّرها. قصد صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك نهي تنزيه لا تحريم ، لأنّ الأولى أن لا يطلّق. وقيل : أراد : اتّق الله فلا تذمّها بالنسبة إلى الكبر وأذى الزوج.
(وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) وهو نكاحها إن طلّقها ، أو إرادة طلاقها (وَتَخْشَى النَّاسَ) تعييرهم إيّاك به ، بأن يقولوا : أمره بطلاقها ثمّ تزوّجها
__________________
(١) الفهر : حجر رقيق تسحاق به الأدوية.