للمؤمنين ، ترحّم عليهم ، سيّما وهو سبب الرحمة ، من حيث إنّهم مجابو الدعوة.
وقيل : لمّا كان من شأن المصلّي أن ينعطف في ركوعه وسجوده ، استعير لمن ينعطف على غيره حنوّا عليه وترؤّفا ، كعائد المريض في انعطافه عليه ، والمرأة في حنوّها على ولدها ، ثمّ كثر حتّى استعمل في الرحمة والترؤّف. ومنه قولهم : صلّى الله عليك ، أي : ترحّم عليك وترأّف. فالمراد بالصلاة هاهنا الرحم والانعطاف المعنويّ ، كما أنّ الصلاة المشتملة على الركوع والسجود هي والانعطاف الصوري.
(لِيُخْرِجَكُمْ) بالتوفيق واللطف (مِنَ الظُّلُماتِ) ظلمات الكفر والمعصية (إِلَى النُّورِ) نور الإيمان والطاعة (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) حيث اعتنى بصلاح أمرهم وإنافة قدرهم.
(تَحِيَّتُهُمْ) من إضافة المصدر إلى المفعول ، أي يحيّون (يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ) يوم لقاء ثوابه عند الموت ، أو الخروج من القبر ، أو دخول الجنّة. كما قال : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ) (١) (سَلامٌ) بالسلامة عن كلّ مكروه وآفة ، بأن يقال لهم : السلامة لكم عن جميع الآفات.
روي عن البراء بن عازب أنّه قال : يوم يلقون ملك الموت ، لا يقبض روح مؤمن إلّا سلّم عليه أوّلا. فعلى هذا يكون المعنى : تحيّة المؤمنين من ملك الموت ، يوم يلقونه ، أن يسلّم عليهم.
(وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) ثوابا جزيلا ، هي الجنّة. ولعلّ اختلاف النظم لمحافظة الفواصل ، والمبالغة فيما هو أهمّ.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٨))
__________________
(١) الرعد : ٢٣ ـ ٢٤.