الصحّة ، وعلى التكسير في قوله : (الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) (١). والرذالة : الخسّة والدّناءة.
وقرأ يعقوب : وأتباعك. وهو جمع تابع ، كشاهد وأشهاد. أو تبع ، كبطل وأبطال. والواو للحال.
وإنّما استرذلوهم لاتّضاع نسبهم ، وقلّة نصيبهم من الدنيا. وقيل : كانوا من أهل الصناعات الدنيئة ، كالحياكة والحجامة. وهكذا كانت قريش تقول في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وما زالت أتباع الأنبياء كذلك ، حتّى صارت من سماتهم وأماراتهم. ألا ترى إلى هرقل ملك الروم حين سأل أبا سفيان عن أتباع رسول الله ، فلمّا قال : ضعفاء الناس وأراذلهم ، قال : ما زالت أتباع الأنبياء كذلك.
وكان من سخافة عقل الكفرة ، وقصور رأيهم على الحطام الدنيويّة ، أن جعلوا اتّباع المقلّين فيها مانعا عن اتّباعهم وإيمانهم بما يدعوهم إليه ، ودليلا على بطلانه.
وأشاروا بذلك إلى أنّ اتّباعهم ليس عن نظر وبصيرة ، وإنّما هو لتوقّع مال ورفعة.
فلذلك (قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أنّهم عملوه خالصا ، أو طمعا في طعمة.
وما عليّ إلّا اعتبار الظاهر ، دون التفتيش عن أسرارهم ، والشقّ عن قلوبهم.
(إِنْ حِسابُهُمْ) ما حسابهم على بواطنهم (إِلَّا عَلى رَبِّي) فإنّه المطّلع عليها.
وما أنا إلّا منذر ، لا محاسب ولا مجاز. (لَوْ تَشْعُرُونَ) لعلمتم ذلك. ولكنّكم تجهلون ، فتقولون ما لا تعلمون. قصد بذلك ردّ اعتقادهم ، وإنكار أن يسمّى المؤمن رذلا ، وإن كان أفقر الناس وأوضعهم نسبا ، فإنّ الغنى غنى الدين ، والنسب نسب التقوى.
(وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) جواب لما أوهم قولهم من استدعاء طردهم.
والمعنى : ليس من شأني أن أتّبع شهواتكم ، وأطيب نفوسكم ، بطرد المؤمنين الّذين صحّ إيمانهم طمعا في إيمانكم.
__________________
(١) هود : ٢٧.