بين الوجوب والندب ، فإنّ المتعة سنّة للمفروض لها. (وَسَرِّحُوهُنَ) أخرجوهنّ من منازلكم ، إذ ليس لكم عليهنّ عدّة (سَراحاً جَمِيلاً) من غير ضرار ولا منع حقّ.
ثمّ خاطب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) مهورهنّ ، لأنّ المهر أجر على البضع. والإيتاء قد يكون بالأداء ، وقد يكون بالالتزام ، أي : بفرض المهور ، وتسميتها في العقد. وعلى التقديرين ؛ تقييد الإحلال به بإعطائها معجّلة أو بالالتزام ، لا لتوقّف الحلّ عليه ، بل لإيثار الأفضل له.
وذلك أنّ تسمية المهر في العقد أولى وأفضل من ترك التسمية ، فإنّه جاز وقوع العقد والمماسّة بدون التسمية. وسوق المهر عاجلا أفضل من أن يسمّيه ويؤجّله.
وكذا تقييد إحلال المملوكة بكونها مسبيّة بقوله : (وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) لإيثار الأفضل. فإنّ المشتراة لا يتحقّق بدء أمرها وما جرى عليها ، فإنّ السبي على ضربين : سبي طيبة ، وسبي خبثة. فسبي الطيبة : ما سبي من أهل الحرب. وأمّا من كان له عهد فالمسبيّ منهم سبي خبثة. وفيء الله ـ سواء كان من الغنائم أو الأنفال ـ لا يطلق إلّا على الطيّب دون الخبيث ، كما أنّ رزق الله يجب إطلاقه على الحلال دون الحرام. وكانت من الغنائم مارية القبطيّة أمّ ابنه إبراهيم. ومن الأنفال صفيّة وجويرية ، أعتقهما وتزوّجهما.
وتقييد القرايب بكونها مهاجرات معه في قوله : (وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) يحتمل تقييد الحلّ بذلك في حقّه خاصّة. ويعضده قول امّ هانئ بنت أبي طالب : خطبني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فاعتذرت إليه فأعذرني ، ثم أنزل الله هذه الآيات ، فلم أحلّ له ، لأنّي لم أهاجر معه ، وكنت من الطلقاء.
وقال صاحب المجمع : «هذا إنّما كان قبل تحليل غير المهاجرات ، ثمّ نسخ