شرط الهجرة في التحليل» (١).
(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) أي : وأحللنا لك امرأة مؤمنة (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) نصب بفعل يفسّره ما قبله. أو عطف على ما سبق. ولا يدفعه التقييد بأن «الّتي» للاستقبال ، فإنّ المعنيّ بالإحلال الإعلام بالحلّ ، أي أعلمناك حلّ امرأة مؤمنة تهب لك نفسها ولا تطلب مهرا ، إن اتّفق ، ولذلك نكّرها. واختلف في اتّفاق ذلك. فقال ابن عبّاس : لم يكن عند رسول الله أحد منهنّ بالهبة. وقيل : الموهوبات أربع : ميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت خزيمة الأنصاريّة ، وامّ شريك بنت جابر ، وخولة بنت حكيم.
(إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) شرط للشرط الأوّل في الإحلال في استيجاب الحلّ. كأنّه قال : أحللناها لك إن وهبت لك نفسها ، وأنت تريد أن تستنكحها ، فإنّ هبتها نفسها منه لا توجب له حلّها إلّا بإرادته نكاحها ، فإنّها جارية مجرى القبول.
وتكرير «النبيّ» تفخيم له. والعدول إلى الغيبة بلفظ النبيّ مكرّرا ، ثمّ الرجوع إليه في قوله : (خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) إيذان بأنّه ممّا خصّ به ، لشرف نبوّته ، وتقرير لاستحقاقه الكرامة لأجل نبوّته.
قيل : إنّ امرأة لمّا وهبت نفسها للنبيّ ، قالت عائشة : ما بال النساء يبذلن أنفسهنّ بلا مهر؟ فنزلت الآية. فقالت عائشة ما أرى الله تعالى إلّا يسارع هواك؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم «وإنّك إن أطعت الله سارع في هواك».
واحتجّ به أصحابنا على أنّ النكاح لا ينعقد بلفظ الهبة ، لأنّ اللفظ تابع للمعنى ، وقد خصّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمعنى ، فيختصّ باللفظ. والمدّعي للاشتراك في اللفظ يحتاج إلى الدليل.
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٣٦٤.