الحقّ ، والطاعة فيما يقرّب المدعوّ إلى ثوابه ، ويبعّده عن عقابه. وكان الأنبياء متّفقين على مثل ذلك ، مبرّئين عن المطامع الدينيّة والأغراض الدنيويّة.
(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) بكلّ مكان مرتفع. ومنه : ريع الأرض لارتفاعها.
(آيَةً) علما للمارّة (تَعْبَثُونَ) ببنائها ، إذ كانوا يهتدون بالنجوم في أسفارهم ، فاتّخذوا في طرقهم أعلاما طوالا لا يحتاجون إليها.
وقيل : كانوا يبنون بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارّة ، فيعبثوا بهم. وعن مجاهد : بنوا بكلّ ريع بروجا للحمام عبثا.
وقيل : كانوا يبنون أبنية لا يحتاجون إليها للسكنى. فجعل بناء ما يستغنون عنه عبثا. أو قصورا يفتخرون بها.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لكلّ بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة ، إلّا ما لا بدّ منه».
(وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ) مأخذا للماء تحت الأرض. وقيل : قصورا مشيّدة وحصونا. (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) ترجون الخلود في الدنيا. أو تشبه حالكم حال من يخلد ، فإنّ هذه الأبنية بناء من يطمع في الخلود.
(وَإِذا بَطَشْتُمْ) أخذتم بسوط أو سيف (بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) متسلّطين ، ظالمين ، بلا رأفة ولا قصد تأديب. وقيل : قتّالين على الغضب بغير حقّ. وقال الحسن : مبادرين تعجيل العذاب ، لا تتفكّرون في العواقب.
(فَاتَّقُوا اللهَ) بترك هذه الأشياء (وَأَطِيعُونِ) فيما أمركم الله.
(وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ) كرّر الاتّقاء مرتّبا على إمداد الله إيّاهم بما أعطاهم ما يعلمون من أنواع الخير ، ويعرفونه من أنواع النعم ، تعليلا وتنبيها على الوعد عليه بدوام الإمداد ، والوعيد على تركه بالانقطاع. والإمداد في الأصل إتباع الثاني ما قبله شيئا بعد شيء على انتظام.