الشاقّة ، مثل عمل الطين وغيره. وفي هذا دلالة على أنّه قد كان من الجنّ من هو غير مسخّر له.
(وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ) ومن يعدل منهم (عَنْ أَمْرِنا) عمّا أمرناه من طاعة سليمان (نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) وعن السدّي : كان معه ملك بيده سوط من نار ، كلّما استعصى عليه ضربه ضربة من حيث لا يراه الجنّي. وفيه دلالة على أنّهم كانوا مكلّفين.
(يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ) قصورا حصينة ، ومساكن شريفة.
سمّيت بها لأنّها يذبّ عنها ، ويحارب ويحامى عليها. وعن قتادة : هي المساجد يتعبّد فيها.
وكان ممّا عملوه بيت المقدس ، وقد كان الله عزّ اسمه سلّط على بني إسرائيل الطاعون ، فهلك خلق كثير في يوم واحد. فأمرهم داود ليغتسلوا ويبرزوا إلى الصعيد بالذراري والأهلين ، ويتضرّعوا إلى الله تعالى لعلّه يرحمهم.
وذلك صعيد بيت المقدس قبل بناء المسجد. وارتفع داود فوق الصخرة ، فخرّ ساجدا يبتهل إلى الله تعالى ، وسجدوا معه ، فلم يرفعوا رؤوسهم حتّى كشف الله عنهم الطاعون.
فلمّا أن شفّع الله تعالى داود في بني إسرائيل ، جمعهم داود بعد ثلاث وقال لهم : إنّ الله تعالى قد منّ عليكم ورحمكم ، فجدّدوا له شكرا ، بأن تتّخذوا من هذا الصعيد الّذي رحمكم فيه مسجدا. ففعلوا ، وأخذوا في بناء بيت المقدس ، وكان داود ينقل الحجارة لهم على عاتقه ، وكذلك خيار بني إسرائيل ، حتّى رفعوه قامة ، ولداود يومئذ سبع وعشرون ومائة سنة. فأوحى الله تعالى إلى داود : أنّ تمام بنائه يكون على يدي ابنه سليمان.
فلمّا صار داود ابن أربعين ومائة سنة توفّاه الله تعالى ، واستخلف سليمان ،