شكركم لله على ما آتاكم من النعم. أو على المصدر ، لأنّ العمل له شكر ، كأنّه قيل : اشكروا شكرا. أو الوصف له ، أي : اعملوا عملا شكرا. أو الحال ، بمعنى : شاكرين. أو المفعول به ، أي : افعلوا شكرا.
(وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) المتوفّر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه ، في أكثر أوقاته. ومع ذلك لا يوفّي حقّه ، لأنّ توفيقه للشكر نعمة تستدعي شكرا آخر لا إلى نهاية. ولذلك قيل : الشكور من يرى عجزه عن الشكر.
والفرق بين الشكور والشاكر : أنّ الشكور من تكرّر منه الشكر ، والشاكر من وقع منه الشكر.
قيل : جزّأ ساعات الليل والنهار على أهله ، فلم تكن تأتي ساعة من الساعات إلّا وإنسان من آل داود قائم يصلّي.
وروي : أنّ عمر سمع رجلا يقول : اللهمّ اجعلني من القليل. فقال عمر : ما هذا الدعاء؟ فقال الرجل : إنّي سمعت الله تعالى يقول : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) فأنا أدعوه أن يجعلني من ذلك القليل. فقال عمر : كلّ الناس أعلم من عمر.
(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) أي : على سليمان (ما دَلَّهُمْ) ما دلّ الجنّ.
وقيل : آله. (عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) أي : إلّا الأرضة. أضيفت إلى فعلها. يقال : أرضت الخشبة أرضا ، إذا أكلتها الأرضة. (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) عصاه. من : نسأت البعير إذا طردته ، لأنّها تطرد بها.
(فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) ظهرت الجنّ. من : تبيّن الشيء إذا ظهر وتجلّى.
و «أن» مع صلتها بدل من «الجنّ» بدل الاشتمال ، كقولك : تبيّن زيد جهله. أو علمت الجنّ علما بيّنا بعد التباس الأمر عليهم. (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) كما يزعمون لعلموا موته. فلأجل ذلك (ما لَبِثُوا) بعده حولا (فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) الّذي هو عمل البناء ، وحمل الصخر العظيم ، وغير ذلك من الأعمال الشاقّة إلى أن خرّ.