عمان المشيد. وكانت الأزد.
ثمّ قالت : من كان منكم ذا جلد وقسر ، وصبر على أزمات الدهر ، فعليه بالأراك من بطن مرّ. وكانت خزاعة.
ثمّ قالت : من كان منكم يريد الراسيات (١) في الوحل ، المطعمات في المحل ، فليلحق بيثرب ذات النخل. وكانت الأوس والخزرج.
ثمّ قالت : من كان منكم يريد الخمر والخمير ، والملك والتأمير ، وملابس التاج والحرير ، فليلحق ببصرى وغوير. وهما من أرض الشام. وكان الّذي سكنوها آل جفنة بن غسّان.
ثمّ قالت : من كان منكم يريد الثياب الرقاق ، والخيل العتاق ، وكنوز الأرزاق ، والدم المهراق ، فليلحق بأرض العراق. وكان الّذين سكنوها آل جذيمة الأبرش ، ومن كان بالحيرة وآل محرّق.
(وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) وفرّقناهم غاية التفريق ، حتّى لحق غسّان بالشام ، وأنمار بيثرب ، وجذام بتهامة ، والأزد بعمان.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) فيما ذكر (لَآياتٍ) وعبر (لِكُلِّ صَبَّارٍ) عن المعاصي (شَكُورٍ) على النعم.
(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) أي : صدق في ظنّه. أو صدق يظنّ ظنّه ، مثل : فعلته جهدك. ويجوز أن يعدّى الفعل إليه بنفسه ، كما في : صدق وعده ، لأنّه نوع من القول. وشدّد الكوفيّون ، بمعنى : حقّق ظنّه ، أو وجده صادقا.
وذلك إمّا ظنّه بأهل سبأ حين رأى انهماكهم في الشهوات. أو ببني آدم حين وجد آدم ضعيف العزم ، وقد أصغى إلى وسوسته ، فقال : إنّ ذرّيّته أضعف عزما منه ، فظنّ بهم اتّباعه فقال : لأضلّنّهم ولأغوينّهم. وقيل : ظنّ ذلك عند إخبار الله
__________________
(١) أي : النخل ، من : رسا رسوّا : ثبت ورسخ. والمحل : الشدّة والجدب والجوع الشديد.