(كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ * وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) قد سبق (١) تفسير ذلك أيضا.
(أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ) إنكار لأن يتركوا مخلّدين في نعيمهم لا يزالون عنه. أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إيّاهم وما يتنعّمون. «فيما هاهنا» أي : الّذي استقرّ في هذا المكان من النعيم ، حال كونهم مع أمن ودعة.
والمعنى : أتظنّون أنّكم تتركون فيما أعطاكم الله من الخير في هذه الدنيا ، آمنين من الموت والعذاب؟! بل لا يبقى عليكم ، وسيزول عنكم.
ثمّ فسّره بقوله : (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) لطيف ليّن ، للطف التمر. أو لأنّ النخل أنثى ، وطلع إناث النخل ألطف. وهو ما يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ (٢) القنو. أو متدلّ (٣) منكسر من كثرة الحمل.
وقيل : الهضيم : الليّن النضيج. وقيل : هو الّذي إذا مسّ تفتّت. وقيل : هو الّذي ليس فيه نوى.
وإفراد النخل لفضله على سائر أشجار الجنّات. أو لأنّ المراد بالجنّات غير النخل من الأشجار ، لأنّ اللفظ يصلح لذلك ، ثمّ يعطف عليها النخل.
(وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) بطرين ، أو حاذقين. من الفراهة ، وهي
__________________
(١) راجع ص ٤١ : ذيل الآية ١٢٣ ـ ١٢٧.
(٢) شماريخ جمع شمراخ ، وهو العذق ـ أي : الغصن له شعب ـ عليه بسر أو عنب. والقنو : من النخل كالعنقود من العنب.
(٣) عطف على قوله : «لطيف ليّن» قبل سطرين.