النار. وقيل : من صحراء بدر إلى القليب (١). أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم.
والعطف على «فزعوا» ، أي : فزعوا وأخذوا فلا فوت لهم. أو على «لا فوت» على معنى : إذ فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا.
(وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) أي : بمحمّد ، لمرور ذكره في قوله : (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) (٢). (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) أي : ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولا سهلا؟ فإنّ التناول والتناوش أخوان ، إلّا أنّ التناوش تناول سهل لشيء قريب.
(مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) فإنّه في حيّز التكليف ، وقد بعد عنهم حين مشاهدة العذاب ، لأنّها وقت ارتفاع التكليف الاختياري.
وهذا تمثيل لحالهم في الاستخلاص بالإيمان بعد ما فات عنهم أو انه وبعد عنهم ، بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة (٣) كما يتناوله من ذراع ، في الاستحالة.
وقرأ أبو عمرو والكوفيّون غير حفص بالهمز (٤) ، على قلب الواو ، لضمّتها. أو لأنّه من : نأشت الشيء إذا طلبته. أو من : نأشت إذا تأخّرت. فيكون بمعنى التناول من بعد.
(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو بالعذاب (مِنْ قَبْلُ) من قبل ذلك أوان التكليف (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) ويرجمون بالظنّ ، ويتكلّمون بما لم يظهر لهم في الرسول من المطاعن ، من أنّه ساحر شاعر كذّاب ، لأنّهم لم يشاهدوا منه سحرا ، ولا شعرا ، ولا كذبا. أو في العذاب ، من البتّ على نفيه. يقولون : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما
__________________
(١) القليب : البئر. وقيل : البئر القديمة.
(٢) سبأ : ٤٦.
(٣) الغلوة : الغاية. وهي رمية سهم أبعد ما تقدر عليه.
(٤) أي : التناؤش.