ابن عبّاس : ما كنت أدري ما فاطر السماوات والأرض ، حتّى اختصم إليّ أعرابيّان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : ابتدأتها وشققتها. والإضافة معنويّة ، لأنّه بمعنى الماضي.
(جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) وسائط بين الله تعالى وبين أنبيائه والصالحين من عباده ، يبلّغون إليهم رسالاته بالوحي والإلهام والرؤيا الصادقة. أو بينه وبين خلقه ، يوصلون إليهم آثار صنعه.
(أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) أي : ذوي أجنحة متعدّدة متفاوتة بتفاوت ما لهم من المراتب ، ينزلون بها ويعرجون. أو يسرعون بها نحو ما وكلّهم الله عليه ، فيتصرّفون فيه على ما أمرهم به. ولم يرد به خصوصيّة الأعداد ، ونفي ما زاد عليها. وفي رواية : أنّ صنفا من الملائكة لهم ستّة أجنحة ، فجناحان يلفّون بهما أجسادهم ، وجناحان يطيرون بهما في أمر من أمور الله ، وجناحان مرخيان على وجوههم حياء من الله.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّه رأى جبرئيل ليلة المعراج ، وله ستّمائة جناح».
وروي : «أنّه سأل جبرئيل عليهالسلام أن يتراءى له في صورته. فقال له : إنّك لن تطيق ذلك. قال : إنّي قد أحبّ أن تفعل. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ليلة مقمرة ، فأتاه جبرئيل في صورته ، فغشى على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ أفاق وجبرئيل مسنده ، وإحدى يديه على صدره ، والاخرى بين كتفيه. فقال : سبحان الله ما كنت أرى أنّ شيئا من الخلق هكذا. فقال جبرئيل : فكيف لو رأيت إسرافيل؟ له اثنا عشر جناحا ، جناح منها بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، وإنّ العرش على كاهله (١) ، وإنّه ليتضاءل الأحانين لعظمة الله ، حتّى يعود مثل الوصع ، وهو العصفور الصغير».
(يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) استئناف للدلالة على أنّ تفاوتهم في ذلك
__________________
(١) الكاهل : أعلى الظهر ممّا يلي العنق.