(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا) عمّا تدّعونه من الرسالة (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) بالحجارة. وقيل : لنشتمنّكم. (وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ).
(قالُوا) يعني : الرسل (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) سبب شؤمكم معكم. وهو سوء عقيدتكم وأعمالكم. فأمّا الدعاء إلى التوحيد ، وعبادة الله تعالى وحده ، ففيه غاية البركة والخير واليمن ، وليس فيه شائبة الشؤم أصلا. (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) وعظتم.
وجواب الشرط محذوف ، مثل : تطيّرتم ، أو توعّدتم بالرجم والتعذيب. وقرأ ورش وأبو عمرو : آئن بالمدّ والتسهيل. وقالون وابن كثير : أئن بالتسهيل بلا مدّ. (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) قوم عادتكم الإسراف في العصيان ، فمن ثمّ جاءكم الشؤم. أو في الضلال ، ولذلك توعّدتم وتشاءمتم بمن يجب أن يكرّم ويتبرّك به.
وتفصيل هذه القصّة : أنّ أهل أنطاكية كانوا عبدة أصنام ، فأرسل إليهم عيسى اثنين ، فلمّا قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له ، وهو حبيب النجّار صاحب يس ، فسلّما عليه.
فقال الشيخ لهما : من أنتما؟
قالا : رسولا عيسى ، ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمان.
فقال : أمعكما آية؟
قالا : نعم ، نشفي المريض ، ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله.
فقال الشيخ : إنّ لي ابنا مريضا صاحب فراش منذ سنين.
قالا : فانطلق بنا إلى منزلك نتطلّع حاله.
فذهب بهما ، فمسحا ابنه ، فقام في الوقت بإذن الله صحيحا. فآمن حبيب ، وفشى الخبر ، فشفى الله على أيديهما خلقا. وبلغ
حديثهما إلى الملك ، فدعاهما وقال : من أنتما؟
قالا : رسولا عيسى ، جئنا ندعوك من عبادة ما لا يسمع ولا يبصر إلى عبادة