من يسمع ويبصر.
فقال الملك : ولكما إله سوى آلهتنا؟
قالا : نعم ، من أوجدك وآلهتك.
فقال : قوما حتّى أنظر في أمركما. فحبسهما.
وعن وهب بن منبّه : بعث عيسى هذين الرسولين إلى أنطاكية ، فأتياها ولم يصلا إلى ملكها ، وطالت مدّة مقامهما. فخرج الملك ذات يوم ، فكبّرا وذكرا الله.
فغضب الملك وأمر بحبسهما ، وجلد كلّ واحد منهما مائة جلدة.
فلمّا كذّب الرسولان وضربا ، بعث عيسى شمعون الصفا ـ رأس الحواريّين ـ على أثرهما لينصرهما. فدخل شمعون البلدة متنكّرا ، فجعل يعاشر حاشية الملك ، حتّى أنسوا به ، فرفعوا خبره إلى الملك ، فدعاه ورضي عشرته ، وأنس به وأكرمه.
ثمّ قال له ذات يوم : أيّها الملك بلغني أنّك حبست رجلين في السجن ، وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك ، فهل سمعت قولهما؟
قال الملك : حال الغضب بيني وبين ذلك.
قال : فإن راى الملك دعاهما حتّى نتطّلع ما عندهما.
فدعاهما الملك. فقال لهما شمعون : من أرسلكما إلى هاهنا؟
قالا : الله الّذي خلق كلّ شيء ، وليس له شريك.
فقال : صفا وأوجزا.
قالا : يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد.
قال : وما آيتكما؟
قالا : ما يتمنّى الملك.
فدعا بغلام مطموس (١) العين ، وموضع عينيه كالجبهة. فدعوا الله حتّى انشقّ
__________________
(١) المطموس : الذاهب البصر.