ثمّ ذكر حال أوليائه بقوله : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) متلذّذون فرحون في النعمة. من الفكاهة. وفي تنكير «شغل» وإبهامه تعظيم لما هم فيه من البهجة التامّة والتلذّذ الكامل ، وتنبيه على أنّه أعلى ما تحيط به الأفهام ، ويفسّر عن كنه الكلام ، فلا يهتمّون بأهل النار ونكالهم ، وإن كانوا أقاربهم.
وعن ابن مسعود وابن عبّاس : أنّهم شغلوا بافتضاض الأبكار. وهو المرويّ عن الصادق عليهالسلام.
وقيل : باستماع الألحان.
وقيل : شغلهم في الجنّة سبعة أنواع من الثواب لسبعة أعضاء. فثواب الرجل بقوله : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) (١). وثواب اليد (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) (٢). وثواب الفرج (وَحُورٌ عِينٌ) (٣). وثواب البطن (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) (٤) وثواب اللسان (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) (٥) الآية. وثواب الأذن (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) (٦).
وثواب العين (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) (٧).
وقرأ ابن كثير ونافع : في شغل بالسكون. ويعقوب في رواية : فكهون ، للمبالغة. وهما خبران لـ «إنّ». ويجوز أن يكون «في شغل» صلة لـ «فاكهون».
(هُمْ وَأَزْواجُهُمْ) وحلائلهم في الدنيا ممّن وافقهم على إيمانهم. أو أزواجهم اللّاتي زوّجهم الله تعالى من الحور العين. (فِي ظِلالٍ) جمع ظلّ ، كالشعاب جمع الشعب. أو ظلّة ، كقلال وقلّة. ويؤيّده قراءة حمزة والكسائي : في ظلل. (عَلَى
__________________
(١) الحجر : ٤٦.
(٢) الطور : ٢٣.
(٣) الواقعة : ٢٢.
(٤) الطور : ١٩.
(٥) يونس : ١٠.
(٦) مريم : ٦٢.
(٧) الزخرف : ٧١.