(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) لمسحنا أعينهم ، حتّى تصير ممسوحة ممحوّا أثرها (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ) فاستبقوا إلى الطريق الّذي اعتادوا سلوكه.
وانتصابه بنزع الخافض. أو بتضمين الاستباق معنى الابتدار. أو جعل المسبوق إليه مسبوقا على الاتّساع. أو بالظرف. (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) الطريق وجهة السلوك ، فضلا عن غيره؟
وعن ابن عبّاس : معنى الآية : ولو نشاء لأعميناهم عن الهدى ، فطلبوا طريق الحقّ وقد عموا عنه ، فكيف يبصرون؟
(وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ) بتغيير صورهم ، وإبطال قواهم ، كالحجارة (عَلى مَكانَتِهِمْ) أي : مكانهم الّذي هم فيه قعود. والمكانة والمكان واحد ، كالمقامة والمقام. وقرأ أبو بكر : مكاناتهم. (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا) ذهابا (وَلا يَرْجِعُونَ) ولا رجوعا. فوضع الفعل موضعه للفواصل. وقيل : ولا يرجعون عن تكذيبهم.
والمعنى : أنّهم بكفرهم ونقضهم ما عهد إليهم أحقّاء بأن يفعل بهم ذلك ، لكنّا لم نفعل لشمول الرحمة لهم ، واقتضاء الحكمة إهمالهم.
وعن ابن عبّاس : معناه : لمسخناهم قردة وخنازير.
وعن قتادة : لأقعدناهم على أرجلهم وأزمنّاهم (١).
(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ) ومن نطل عمره (نُنَكِّسْهُ) نقلّبه (فِي الْخَلْقِ) فلا يزال يتزايد ضعفه ، وانتقاض بنيته وقواه ، عكس ما كان عليه بدء أمره. وابن كثير يشبع ضمّة الهاء على أصله. وقرأ عاصم وحمزة : ننكّسه ، من التنكيس. وهو أبلغ. والنكس أشهر.
والملخّص : إنّا نقلّبه فنخلقه على عكس ما خلقناه قبلا ، بأن خلقناه على ضعف في جسده ، وخلوّ من عقل وعلم ، ثمّ جعلناه يتزايد وينتقل من حال إلى
__________________
(١) أزمن الله فلانا : ابتلاه بالزمانة.