فيه عنادا ولجاجا.
(وَإِذا رَأَوْا آيَةً) معجزة تدلّ على صدق القائل به ، كانشقاق القمر ونحوه (يَسْتَسْخِرُونَ) يبالغون في السخريّة ، ويقولون : إنّه سحر. أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها. وقيل : معناه : يعتقدونها سخريّة ، كما يقال : استقبحته ، أي : اعتقدته قبيحا ، واستحسنته اعتقدته حسنا.
(وَقالُوا إِنْ هذا) يعنون ما يرونه (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ظاهر سحريّته (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) أصله : أنبعث إذا متنا؟ فبدّلوا الفعليّة بالاسميّة ، وقدّموا الظرف ، وكرّروا الهمزة. والمعنى : كيف نبعث بعد ما صرنا ترابا؟ مبالغة في الإنكار ، وإشعارا بأنّ البعث مستنكر في نفسه ، وحال كونهم ترابا وعظاما أشدّ استنكارا. فهو ابلغ من قراءة ابن عامر بطرح الهمزة الأولى ، وقراءة نافع والكسائي ويعقوب بطرح الثانية.
(أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) عطف على محلّ «إنّ» واسمها ، أو على الضمير في «مبعوثون» فإنّه مفصول منه بهمزة الاستفهام. والمعنى : أيبعث أيضا آباؤنا؟ على زيادة الاستبعاد. يعنون : أنّهم أقدم ، فبعثهم أبعد وأبطل. وسكّن نافع برواية قالون وابن عامر الواو ، على معنى الترديد.
(قُلْ نَعَمْ) تبعثون (وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) صاغرون أشدّ الصغار. وإنّما اكتفى به في الجواب لسبق ما يدلّ على جوازه ، ودلالة المعجزة على صدق المخبر عن وقوعه. وقرأ الكسائي وحده : نعم بالكسر. وهو لغة فيه.
(فَإِنَّما هِيَ) فإنّما البعثة أو قصّة البعث (زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) وهذا جواب شرط مقدّر ، تقديره : إذا كان ذلك فما البعثة إلّا زجرة ـ أي : صيحة ـ واحدة. وهي النفخة الثانية. من زجر الراعي الغنم : إذا صاح عليها. وأمرها في الإعادة كأمر «كن» في الإبداء. ولذلك رتّب عليها (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) فإذا هم قيام من مراقدهم أحياء