باعتبار المماثلة ، فإنّ ثوابهم مضاعف ، والمنقطع أيضا بهذا الاعتبار.
ثمّ بيّن ما أعدّه لعباده المخلصين من أنواع النعم ، فقال : (أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ) منعوت بخصائص خلق عليها ، من طيب طعم ، ورائحة ، وحسن منظر ، وتمحّض لذّة. ولذلك فسّره بقوله : (فَواكِهُ) فإنّ الفاكهة ما يقصد للتلذّذ دون التغذّي لحفظ الصحّة ، والقوت بالعكس. وأهل الجنّة لمّا كانت أجسامهم محكمة ، مخلوقة للأبد ، محفوظة عن التحلّل ، كانت أرزاقهم فواكه خالصة. وقيل : المراد معلوم الوقت ، كقوله : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١). وعن قتادة : الرزق المعلوم الجنّة.
(وَهُمْ مُكْرَمُونَ) معظّمون مبجّلون في نيله ، بأن يصل إليهم من غير تعب وسؤال كما عليه رزق الدنيا. وهذا ما قاله العلماء في حدّ الثواب : إنّه النفع المستحقّ المقارن للتعظيم والإجلال. (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) في جنّات ليس فيها إلّا النعيم.
وهو ظرف أو حال من المستكن في «مكرمون». (عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض ، وهو أتم السرور والأنس ، ولا ينظر بعضهم إلى قفا بعض.
(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ) بإناء فيه خمر. أو بخمر ، فإنّه يقال للزجاجة فيها الخمر : كأس. وتسمّى الخمر نفسها أيضا كأسا. (مِنْ مَعِينٍ) من شراب معين ، أي جار على ظاهر وجه الأرض ، أو خارج من العيون الظاهرة (بَيْضاءَ) عن الحسن : خمر الجنّة أشدّ بياضا من اللبن (لَذَّةٍ) لذيذة (لِلشَّارِبِينَ) هما أيضا صفتان لـ «كأس». ووصفها بـ «لذّة» إمّا للمبالغة ، كأنّها نفس اللذّة وعينها. أو لأنّها تأنيث لذّ ، بمعنى لذيذ. يقال : لذّ الشيء فهو لذّ ولذيذ. ووزنه : فعل ، كقولك : رجل
__________________
(١) مريم : ٦٢.