ومارواه العيّاشي بإسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنّهما قالا : «والله ما كان سقيما ، وما كذب».
فيمكن أن يحمل على أحد الوجوه الّتي ذكرناه. ويمكن أن يكون على وجه التعريض ، بمعنى أنّ كلّ من كتب عليه الموت هو سقيم وإن لم يكن به سقم في الحال.
وما روي أنّ إبراهيم عليهالسلام كذب ثلاث كذبات : قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ). وقوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) (١). وقوله في سارة : إنّها أختي. فيمكن أن يكون محمولا على المعاريض ، أي : سأسقم ، وفعله كبيرهم على ما ذكرناه في موضعه ، وسارة أخته في الدين. وقد ورد في الخبر : إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
والمعاريض : أن يقول الرجل شيئا يقصد به غيره ، فيفهم منه غير ما يقصده. ولا يكون ذلك كذبا ، فإنّ الكذب قبيح لا يجوز على الأنبياء ، لأنّه يرفع الثقة بقولهم ، فجلّ أمناء الله تعالى وأصفياؤه عن ذلك.
وروي : أنّ أكثر أسقامهم الطاعون ، وكانوا يخافون سرايته منه إليهم ، فهربوا منه إلى عيدهم ، وتركوه في بيت الأصنام ليس معه أحد ، ففعل بالأصنام ما فعل ، كما قال عزّ اسمه : (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) هاربين مخافة العدوى (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) فذهب إليها في خفية. من روغة الثعلب. وأصله الميل بحيلة. (فَقالَ) أي : للأصنام استهزاء (أَلا تَأْكُلُونَ) يعني : الطعام الّذي كان عندهم (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) بجوابي. وفيه تهجين بعبدتها ، وانحطاطها عن حالهم.
(فَراغَ عَلَيْهِمْ) فمال عليهم مستخفيا. والتعدية بـ «على» للاستعلاء وإيصال المكروه. (ضَرْباً بِالْيَمِينِ) مصدر لـ «راغ عليهم» لأنّه في معنى : ضربهم. أو لمضمر تقديره : فراغ عليهم يضربهم ضربا. وتقييده باليمين الّذي هو أقوى الجارحين وأشدّهما للدلالة على قوّته ، فإنّ قوّة الآلة تستدعي قوّة الفعل. وعن
__________________
(١) الأنبياء : ٦٣.