الشديدة. من الجحمة ، وهي شدّة التأجّج. وعن الزجّاج : كلّ نار بعضها فوق بعض فهي جحيم. واللام بدل الإضافة ، أي : جحيم ذلك البنيان. وعن ابن عبّاس : بنوا حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا ، وعرضه عشرون ذراعا ، وملؤه نارا وطرحوه فيها.
(فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) قصدوا حيلة وتدبيرا في إحراقه بالنار وإهلاكه ، حين قهرهم بالحجّة ، لئلّا يظهر للعامّة عجزهم (فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) الأذلّين ، بإبطال كيدهم ، وجعله برهانا نيّرا على علوّ شأنه ، حيث صيّرنا النار عليه بردا وسلاما ، فنجّيناه وأخرجناه منها سالما.
(وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) إلى حيث أمرني ربّي. وهو الشام ، أو حيث أتجرّد فيه لعبادته. (سَيَهْدِينِ) سيرشدني إلى ما فيه صلاح ديني. أو إلى مقصدي.
وإنّما بتّ القول لسبق وعده ، أو لفرط توكّله ، أو البناء على عادته معه في هدايته وإرشاده. ولم يكن كذلك حال موسى عليهالسلام حين قال : (عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) (١). فلذلك ذكر بصيغة التوقّع.
وعن مقاتل : إبراهيم أوّل من هاجر ـ ومعه لوط وسارة ـ إلى الشام ، ولمّا قدم الأرض المقدّسة الّتي هي من الشام سأل ربّه الولد ، فقال :
(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) بعض الصالحين ، يعينني على الدعوة والطاعة ، ويؤنسني في الغربة. يعني : الولد ، لأنّ لفظ الهبة غالب فيه. قال تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) (٢) (وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى) (٣) ، وإن كان قد جاء في الأخ في قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) (٤). ولقوله :
(فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) فإنّه بشّره بالولد ، وبأنّه ذكر يبلغ أوان الحلم ، فإنّ
__________________
(١) القصص : ٢٢.
(٢) الأنعام : ٨٤.
(٣) الأنبياء : ٩٠.
(٤) مريم : ٥٣.