واشتهرت القصّة بذلك عند الخاصّ والعامّ.
وفي الخبر المأثور عن البراء بن عازب أنّه قال : لمّا نزلت هذه الآية جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بني عبد المطّلب ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنّة (١) ويشرب العسّ. (٢) فأمر عليّا عليهالسلام برجل شاة فأدمها (٣) ، ثمّ قال : ادنوا بسم الله. فدنا القوم عشرة عشرة ، فأكلوا حتّى صدروا (٤). ثمّ دعا بعقب من لبن ، فجرع منه جرعة ، ثمّ قال لهم : اشربوا بسم الله. فشربوا حتّى رووا. فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل. فسكت صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ ولم يتكلّم. ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب.
ثمّ أنذرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا بني عبد المطّلب إنّي أنا النذير إليكم من الله عزوجل والبشير ، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا.
ثمّ قال : من يؤاخيني ويوازرني ، ويكون وليّي ووصيّي بعدي وخليفتي في أهلي ، ويقضي ديني؟ فسكت القوم. فأعادها ثلاثا ، كلّ ذلك يسكت القوم ، ويقول عليّ عليهالسلام : أنا. فقال في المرّة الثالثة : أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمّر عليك. أورد ذلك كلّه الثعلبي في تفسيره.
وروي عن أبي رافع هذه القصّة ، وأنّه جمعهم في الشعب ، فصنع لهم رجل شاة ، فأكلوا حتّى تضلّعوا (٥) ، وسقاهم عسّا فشربوا كلّهم حتى رووا.
ثمّ قال : إنّ الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، وأنتم عشيرتي
__________________
(١) المسنّة : البقرة إذا دخلت في السنة الثالثة.
(٢) العسّ : القدح أو الإناء الكبير.
(٣) أي : خلطها بالإدام.
(٤) أي : رجعوا عنه. والقعب : القدح الضخم الغليظ.
(٥) تضلّع : امتلأ شبعا أو ريّا.