(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يحتاج إليه الملوك (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) عظمه بالنسبة إلى حالها ، أو إلى عروش أمثالها ، لا إلى عرش سليمان. ويجوز أن لا يكون لسليمان عليهالسلام مثله ، وإن عظمت مملكته في كلّ شيء ، كما يكون لبعض أمراء الأطراف شيء لا يكون مثله للملك الّذي يملك عليهم أمرهم ويستخدمهم.
وعن ابن عبّاس : كان ثلاثين ذراعا في ثلاثين ، عرضا وسمكا.
وفي الكشّاف (١) : ثمانين ذراعا في ثمانين من ذهب وفضّة ، مكلّلا بالجواهر.
وكان سمكه من ياقوت أحمر وأخضر ودرّ وزمرّد ، وعليه سبعة أبيات ، على كلّ بيت باب مغلق.
وفي المجمع : «كان مقدّم عرشها من ذهب مرصّع بالياقوت الأحمر والزمرّد الأخضر ، ومؤخّره من فضّة مكلّل بألوان الجواهر» (٢).
وبون بعيد بين قوله : (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) (٣) في سليمان ، (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) في بلقيس ، لأنّ سليمان عطف قوله على ما هو معجزة من الله ، وهو تعليم منطق الطير ، فرجع أوّلا إلى ما اوتي من النبوّة والحكمة وأسباب الدين ، ثمّ إلى الملك وأسباب الدنيا ، وعطفه الهدهد على الملك ، فلم يرد إلّا ما أوتيت من أسباب الدنيا اللائقة بحالها ، فبين القولين كمال مباعدة.
وكانت هي وقومها مجوسا يعبدون الشمس ، كما قال : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ) أي : يعبدونها (مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) من عبادة الشمس وغيرها ، من مقابح أحوالهم ، وقبائح أفعالهم (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) حصرهم عن سبيل الحقّ والصواب (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ).
__________________
(١) الكشّاف ٣ : ٣٦٠.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٢١٨.
(٣) النمل : ١٦.