فإن ملاحظة الأخبار الواردة في النوافل يقتضي اختصاص مقدار النوافل من الوقت بالنوافل ، فكان ذلك الوقت ليس بوقت الفريضة ، لكن رخّص إتيانها فيه ، فكان للفريضة خصوصية بذلك الوقت تفوت بتقديمها عليه.
مع أنّه لو لم يكن كذلك فيرجع المبحث إلى استحباب النافلة والتعقيب ، لا الجمع والتفريق.
ولكن يمكن الإشكال : بأن التفريق إلى خروج فضيلة الأُولى أيضاً لعلّه للإتيان بالنوافل والتعقيبات على وجه أكمل وطريقة أوفى ، ولا ريب أنّ ذلك الكمال أيضاً مطلوب ، فيتمّ فيه الكلام السابق ، ولكن ذلك لا يقاوم ما ذكرنا من الأدلّة.
وبالجملة المسألة قويّة الإشكال ، ولكن الأظهر ما ذكرنا.
الرابع : لا ريب في أفضليّة الوقت الأوّل وتأكّد الاهتمام بمحافظته كما ورد في الأخبار (١) ، وكذلك مطلق المبادرة كما نطقت بها في مطلق الوقت ، فإنّ الله يحبّ التعجيل في الخير.
وقد استثنوا من ذلك مواضع ، منها : المتنفّل يؤخّر حتى يتنفّل لما مرّ (٢) ويأتي.
ومنها : المستحاضة تؤخّر الظهر والمغرب إلى آخر وقت فضيلتهما لتجمع بينهما وبين العصر والعشاء بغسل واحد ، وقد مرّ ما يدلّ عليه من الأخبار الصحيحة (٣).
ومنها : تأخير العشاء حتى يذهب الشفق لما مرّ (٤).
ومنها : تأخير المغرب للصائم إلى ما بعد الإفطار في الصورتين المشهورتين ، ويأتي في محلّه.
ومنها : مدافع الأخبثين حتى يخرجهما ، لأنّه لا صلاة لحاقن ولا حاقب كما في
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٨٦ أبواب المواقيت ب ٣.
(٢) ص ١٥١.
(٣) الوسائل ٢ : ٦٠٤ أبواب الاستحاضة ب ١.
(٤) ص ١٤٦.