وعلى الثالث مضافاً إلى هذا ما رواه الكليني مرسلاً عن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل أبو عبد الله عليهالسلام عمّن بجبهته علّة لا يقدر على السجود عليها ، قال : «يضع ذقنه على الأرض ، إنّ الله تعالى يقول (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً)» (١).
وظاهر الأصحاب التخيير في الجبينين ، والأولى مراعاة الترتيب لما ذكرنا ، وللخروج عن خلاف الصدوقين ؛ حيث أفتيا بوفق العبارة المنقولة (٢) ، وهناك أقوال أُخر أدلّتها ضعيفة.
والأقوى ما ذهب إليه المشهور ، ولا بدّ من تقييد المرسلة بالعاجز عن الجبينين.
وهل يجب كشف اللحية لو سجد على الذقن؟ فالإطلاق يقوّي العدم ، وعدم صدق الذقن الوجوب ، ولعلّ الأوّل أقرب.
والمراد بالمشقّة ما لا يتحمّل عادةً ، وإن تمكّن من تحمّله بالعسر.
والذي عجز عن السجود على النحو المطلوب يرفع موضع السجود بحيث يقدر على وضع الجبهة عليه ويسجد عليه ، لأنّه مقدّمة الواجب ، ولأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، والظاهر أنّه إجماعيّ.
وتدلّ عليه أيضاً حسنة عبد الرحمن بن أبي عبد الله لثعلبة بن ميمون عن الصادق عليهالسلام ، قال : «لا يصلّي على الدابّة الفريضة إلّا مريض يستقبل بوجهه القبلة ، وتجزئه فاتحة الكتاب ، ويضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شيء ، ويومئ في النافلة إيماء» (٣).
ورواية إبراهيم بن أبي زياد الكرخي ، رواها الشيخ في التهذيب والصدوق في الفقيه قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل شيخ كبير لا يستطيع القيام إلى الخلاء لضعفه ، ولا يمكنه الركوع والسجود ، فقال : «ليؤمِ برأسه إيماء ، وإن
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٣٤ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٨٦ ح ٣١٨ ، الوسائل ٤ : ٩٦٥ أبواب السجود ب ١٢ ح ٢.
(٢) نقله عن والد الصدوق في روض الجنان : ٢٧٦ ، واختاره الصدوق في المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٧.
(٣) التهذيب ٣ : ٣٠٨ ح ٩٥٢ ، الوافي ٨ : ١٠٤٥ باب صلاة المريض ح ٢٢.