الثالث : لا خلاف عندنا في جواز الجمع بين الصلاتين وأخبارنا به ناطقة (١).
وأما استحباب التفريق ؛ فالذي يظهر من الذكرى أنّه معلوم من المذهب كجواز الجمع ، ولكن الذي يظهر من دعواه هو القدر المشترك بين تأخير الأخيرة عن وقت فضيلة الأُولى أو الفصل بمقدار النافلة ، وهو ظاهر من استمرار عملهم عصراً بعد عصر.
وأما استحباب تفريق الاجتماع بحيث يحتاج إلى أذان الإعلام ثانياً كما هو المستمرّ عند المخالفين بالخصوص فالحقّ أنه لم يقم عليه دليل ، بل إنّما هو لأنّه أحد أفراد مطلق التفريق.
قال في الذكرى : والأصحاب في المعنى قائلون باستحباب التأخير ، وإنّما لم يصرّح به بعضهم اعتماداً على صلاة النافلة بين الفريضتين ، وقد رووا ذلك في أحاديثهم كثيراً ، إلى آخر ما ذكره (٢).
ومما يدلّ على خصوص التفريق بالنافلة رواية محمّد بن حكيم ، قال : سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول : «الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوّع ، وإذا كان بينهما تطوّع فلا جمع» (٣) وفي معناها روايته الأُخرى (٤).
إنّما الإشكال في استحباب اختيار التعجيل في الإتيان بالثانية بعد النافلة كما يظهر من المحقّق (٥) ، واختاره في المدارك ، أو تأخيره إلى خروج فضيلة الأُولى كما نسبه إلى جمع من الأصحاب في المدارك (٦).
ولا يبعد ترجيح الأوّل ، لأنه مسارعة إلى المغفرة ، واستباق بالخيرات ، وتعجيل
__________________
(١) انظر الوسائل ٣ : ١٦٠ أبواب المواقيت ب ٣٢.
(٢) الذكرى : ١١٩.
(٣) الكافي ٣ : ٢٨٧ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ١٦٣ أبواب المواقيت ب ٣٣ ح ٣.
(٤) الكافي ٣ : ٢٨٧ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٦٣ ح ١٠٥٢ ، الوسائل ٣ : ١٦٣ أبواب المواقيت ب ٣٣ ح ٢.
(٥) نقله في الذكرى : ١١٩.
(٦) المدارك ٣ : ٤٥.