ولا تجب معرفة المالك وتعيينه ، بل قيل : إنه لا يضرّ في ذلك كونه لمولّى عليه أيضاً (١) ، تمسّكاً بأنّ التصرّف الذي لا يحصل له ضرر أصلاً يجوز للمولّى ، ومنه إذنه في الصلاة فيما نحن فيه ، فشهادة الحال برضا الولي تكفي في ذلك ، وإن كان هو الإمام.
مع أنّه لا تبعد دعوى أنّ في جميع الأراضي حقّ صلاة للمكلّفين بمقتضى استصحاب الإباحة الأصليّة الّتي لم يعلم زوالها في خصوص ذلك ، وبمقتضى بعض الروايات الّتي يستفاد ذلك منها ، ومن جملتها الأخبار المستفيضة الدالّة على أنّ الأرض كلّها جعلت مسجداً وطهوراً لنبيّنا صلىاللهعليهوآله وأُمّته (٢) ، وسيجيء بعضها ، خرج عنه ما خرج من المغصوب صريحاً ، وبقي الباقي.
ولذلك ذهب بعض المتأخّرين مع قوله بعدم اجتماع الأمر والنهي إلى صحّة الصلاة في المكان المغصوب (٣).
ويمكن الإشكال في دلالة تلك الأخبار بأنّ الظاهر منها أنّه لا يجب عليهم الصلاة في المساجد والمواضع الخاصّة كما كان لسائر الأُمم.
والمشهور بين الأصحاب بطلان الصلاة في المكان المغصوب ، أعني الغير المأذون فيه بأحد الوجوه المتقدّمة ، وادّعى عليه الإجماع السيّد المرتضى في المسائل الناصريّة وصاحب المدارك (٤) ، وهو الظاهر من العلامة حيث أسنده إلى علمائنا (٥) ، والشهيد حيث أسنده إلى الأصحاب (٦).
ويشكل ذلك مع فتوى الفضل بن شاذان من القدماء بالصحّة (٧) ، ويظهر من
__________________
(١) الذكرى : ١٥٠.
(٢) انظر الوسائل ٢ : ٩٦٩ أبواب التيمّم ب ٧ ، وج ٣ : ٤٢٢ أبواب مكان المصلّي ب ١.
(٣) انظر الحدائق الناضرة ٧ : ١٦٤.
(٤) المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة) : ١٩٥ مسألة ٨١ ، المدارك ٣ : ٣١٧.
(٥) نهاية الأحكام ١ : ٣٤٠ ، المنتهي ١ : ٢٤١.
(٦) الذكرى : ١٤٩.
(٧) نقله عنه في البحار ٨٠ : ٢٧٩ ، ومفتاح الكرامة ١ : ١٩٧.