كلامه أنّ ذلك كان مشهوراً بين القدماء كما فهمه العلامة المجلسي أيضاً (١).
والظاهر أنّ مستندهم في الحكم هو استحالة اجتماع الأمر والنهي ، وأنّ اتّفاقهم على ذلك أيضاً مستند إليها ، ويشهد به اتّفاقهم على الصحّة إذا كان جاهلاً بالغصب كما صرّح في المدارك ، معلّلاً بأنّ البطلان تابع للنهي ، وهو إنّما يتوجّه إلى العالم (٢).
وقد حقّقنا في الأُصول عدم استحالته.
وليس في الأخبار ما يدلّ عليه.
وقول أمير المؤمنين عليهالسلام لكميل : «يا كميل انظر فيما تصلّي ، وعلى ما تصلّي ، إن لم يكن من وجهه وحلّه فلا قبول» كما روي في تحف العقول وبشارة المصطفى صلىاللهعليهوآله (٣) ، وكذلك قول الصادق عليهالسلام : «لو أنّ الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم ، ولو أخذوا ما نهاهم عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله ما قبله منهم ؛ حتّى يأخذوه من حقّ وينفقوه في حقّ» (٤) فتتوقف دلالته على اتّحاد القبول والإجزاء ، وهو ممنوع.
وأمّا قوله عليهالسلام في نهج البلاغة : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (٥) فهو أيضاً لا يدلّ على ذلك كما فهمه ابن ميثم وقال : وذلك كالتقرّب في الوضوء بالماء المغصوب والصلاة في الدار المغصوبة ، والنفي هنا لذات الطاعة الشرعية كما هو مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، وعند الشافعي يحمل على نفي الفضيلة (٦) ، انتهى.
__________________
(١) البحار ٨٠ : ٢٨٠.
(٢) المدارك ٣ : ٢١٩.
(٣) تحف العقول : ١٧٤ ، بشارة المصطفى : ٢٨ ، الوسائل ٣ : ٤٢٣ أبواب مكان المصلّي ب ٢ ح ٢.
(٤) الكافي ٤ : ٣٢ ح ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٠١ ح ١٢١ ، الوسائل ٣ : ٤٢٣ أبواب مكان المصلّي ب ٢ ح ١.
(٥) نهج البلاغة : ٥٠٠ قصار الحكم رقم ١٦٥.
(٦) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٥ : ٣٣٥.