التوطّن العرفي ؛ لكن اتّفق أنه قطع علاقته بعد إتمام ستّة أشهر ، ويكفي عندهم حصول المبدأ في الماضي كما هو مختارهم في المشتق.
وثبوت الحقيقة الشرعية ممنوع ، سيّما مما استدلّوا به عليه.
والتوجيه بما ذكرنا من قصد التوطّن العرفي ، وكون الستّة أشهر اتفاقيّةً ؛ غير مطابق لإطلاقات كلماتهم ، بل صريح بعضهم. وكون المشتق حقيقة فيما انقضى عنه المبدأ خلاف التحقيق كما بيّناه في الأُصول (١).
فالمعتبر إذن الوطن ، بالفعل ، ولا يكفي حصوله في الماضي مع انقطاعه.
والمعتبر هو ما يصدق عليه عرفاً ، فلا تعتبر إقامة الستّة أشهر.
وتدلّ عليه الأخبار الصحيحة (٢) ، ففي كثيرٍ منها : «كلّ مَنزلٍ لا تستوطنه فعليك فيه التقصير» (٣).
وفي بعضها : «إنّما هو المَنزل الذي توطّنه» (٤) في ردع السائل عن الإتمام.
والظاهر أنّه بلفظ المضارع المخاطب أو الغائب ، والمضارع حقيقة في الحال أو الاستقبال ، والإجماع قرينة على عدم إرادة الاستقبال فتعيّن الحال.
وأيضاً معنى الاستيطان هو اتّخاذه وطناً ، وهو يحصل بقطع العلاقة عن غير ذلك المكان ، وإرادة الاستقرار مستمرّاً في ذلك المكان ، والشروع في الاستقرار والتمكّن.
ولا يشترط أهل العرف في ذلك فعليّة الإقامة ستّة أشهر جزماً ، ولا يضرّ كون الإقامة أقلّ منها بكثير ، فضلاً عن يوم أو يومين ، كما يضرّ ذلك عند المشهور ، وسيجيء الكلام في مستند المشهور.
__________________
(١) القوانين : ٧٥.
(٢) الوسائل ٥ : ٥١٩ أبواب صلاة المسافر ب ١٣.
(٣) الفقيه ١ : ٢٨٨ ح ١٣١١ ، التهذيب ٣ : ٢١٣ ح ٥١٩ ، الوسائل ٥ : ٥٢٠ أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ١ ، ١٠.
(٤) التهذيب ٣ : ٢١٢ ح ٥١٧ ، الاستبصار ١ : ٢٣٠ ح ٨١٨ ، الوسائل ٥ : ٥٢٢ أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ٨.