أما الثاني ، فلأنّه مستحبّ وقته قبل الصلاة بالأصل ، وتركه يقتضي الإعراض عنه فيسقط الأمر ، فلا دليل على جوازه ، ويؤيّده عموم ما دلّ على حرمة إبطال الصلاة (١) ، بل وهذا الكلام يجري على القول بوجوبهما أيضاً كما لا يخفى.
وأما الأوّل ، فلصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذّن وتقيم ، ثمّ ذكرت قبل أن تركع فانصرف فأذّن وأقم واستفتح الصلاة ، وإن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك» (٢).
والأمر بالانصراف للاستحباب ، وتدلّ عليه صحيحة زرارة المتقدّمة في استحباب الأذان (٣) ، فإنّها محمولة على الرخصة ، فإنّها مورد توهّم الوجوب. ويؤيّده التعليل بأنّه سنّة.
وقال الشيخ في النهاية بالعكس (٤) ، وتبعه ابن إدريس (٥) ، ولعلّ حجّتهما في العود في صورة العمد الإطلاقات (٦) ، وفي صورة النسيان صحيحة زرارة المتقدّمة ، ورواية زرارة عن الصادق عليهالسلام قال ، قلت له : رجل نسي الأذان والإقامة حتى يكبّر ، قال : «يمضي على صلاته ، ولا يعيد» (٧).
والجواب عن الأوّل : منع الشمول لما مرّ.
وعن الثاني يظهر ممّا مرّ.
وأما الرواية فضعيفة محمولة على الرخصة.
__________________
(١) كقوله تعالى (لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (محمّد : ٣٣).
(٢) التهذيب ٢ : ٢٧٨ ح ١١٠٣ ، الاستبصار ١ : ٣٠٤ ح ١١٢٧ ، الوسائل ٤ : ٦٥٧ أبواب الأذان ب ٢٩ ح ٣.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٨٥ ح ١١٣٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٤ ح ١١٣٠ ، الوسائل ٤ : ٦٥٦ أبواب الأذان ب ٢٩ ح ١.
(٤) النهاية : ٦٥.
(٥) السرائر ١ : ٢٠٩.
(٦) الوسائل ٤ : ٦٥٦ أبواب الأذان ب ٢٩.
(٧) التهذيب ٢ : ٢٧٩ ح ١١٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٠٢ ح ١١٢١ ، الوسائل ٤ : ٦٥٨ أبواب الأذان ب ٢٩ ح ٧.