للمختار أن يؤخّر عن الأوّل ، فإن أخّر فلا يدرك الفضل ، بخلاف المضطر فإنّه لا تفوت عنه الفضيلة بذلك.
وأما ما رواه في الفقيه مرسلاً عن الصادق عليهالسلام : «أوّل الوقت رضوان الله ، واخره عفو الله ، والعفو لا يكون إلّا عن ذنب» (١) فمحمول على ترك الأولى مثل قوله تعالى (عَفَا اللهُ عَنْكَ) (٢).
وقد رفع بعض المتأخّرين التنافي بين قول الشيخ وكون الأوّل أفضل وكون الثاني وقتاً ؛ بأنّ ما يفعله المختار أفضل مما يفعله المضطر أبداً ، والوقت الثاني أداء في حقّ المضطر ؛ مستنداً بأنّ العبد كما أنه يستحقّ المَقت بقدر التقصير ، فيستوجب البعد بقدر حرمانه عن الفضائل ، غاية الأمر عدم معاتبته إذا كان العذر من جهته تعالى (٣).
وهو كما ترى ، سيّما بعد ملاحظة ما ورد أنّ الندامة على فوت العمل ربّما تكون أحسن من العمل ، وأن نيّة المؤمن خير من عمله ، بل ويلزم الظلم في بعض الأحيان.
فعلى ما ذكره يلزم أن تكون صلاة من صار زمِناً عاجزاً بسبب جرح أو ضرب في الجهاد في حال القعود أو الاضطجاع مع كمال الحضور وعدم القصور أخفض درجة من صلاة القائم كذلك في حال الدعة والسرور.
ثمّ إنّ الشيخ جعل العذر أربعة : السفر ، والمطر ، والمرض ، وشغل يضرّ تركه بدينه أو دنياه ، والضرورة خمسة : الكافر يُسلِم ، والصبي يبلغ ، والحائض تطهر ، والمجنون ، والمغمى عليه يفيقان (٤) ، والأخبار تدلّ على ما هو أعمّ من ذلك (٥).
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٤٠ ح ٦٥١ ، الوسائل ٣ : ٩٠ أبواب المواقيت ب ٣ ح ١٦.
(٢) التوبة : ٤٣.
(٣) الوافي ٧ : ٢١٠.
(٤) المبسوط ١ : ٧٢.
(٥) الوسائل ٣ : ١٤١ أبواب المواقيت ب ١٩.