البسملة جزءاً (١).
ولو قرأ البسملة بعد الحمد غير قاصد لسورة ، أو قصد سورة ولم يشرع فيها ، فهل يصحّ الاكتفاء به بعد قصد سورة معيّنة أم لا؟ ظاهر بعض الأصحاب أنّه يكتفى (٢).
والحقّ عدم الاكتفاء في المقامين ، وأنّه يجب القصد إلى تعيين البسملة سواء قلنا بأنّها جزء من السورة كما هو المختار أو واجب على حدة.
أما الأوّل فلأنّ الامتثال لا يتمّ إلّا بالنيّة والقصد ، وحيث كان القصد مميّزاً للفعل فيجب ، لحصول الامتثال ، فإذا اشترك جزء السورة بين سور مختلفة فلا يتمّ الامتثال إلّا بقصد التعيين.
فلنمثّل لك بمثال ليتّضح الأمر : وهو أنّا إذا قرأنا في الصلاة سورة الفرقان مثلاً ، فإذا بلغنا إلى قوله تعالى (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ) (٣) إلى أخره فقلنا بقصد الدعاء بعد قوله تعالى (يَقُولُونَ) رَبّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غراماً ، لأجل استحباب التعوّذ من النار حيث ما تُذكر في القرآن ، ونسينا التكلّم به أوّلاً من جهة قراءة القرآن ، فهل يحسب هذا الكلام بعد التذكّر من القراءة ويجوز الاكتفاء به ، أو تجب الإعادة؟ فلا ريب أنّ هذا الكلام مشترك بين الدعاء والقران ، ولا تميّز إلّا بالقصد ، وبدونه لا يحصل الامتثال عُرفاً ، وكذلك إذا اشترك اللفظ بين سورتين.
وأما الثاني : فلأنّه حينئذٍ يصير من باب الاستعاذة ، ولا ريب أنّا مأمورون بذكر بسم الله الرحمن الرحيم في أوّل كلّ سورة ، ولا يحصل الامتثال إلّا بقصد الامتثال ، والامتثال هو موافقة الأمر ، وكلّ أمرٍ يقتضي امتثالاً ، إذ الأصل عدم التداخل كما حقّقناه في كتاب الطهارة.
__________________
(١) الذخيرة : ٢٨١.
(٢) الذخيرة : ٢٨١.
(٣) الفرقان : ٦٥.