وفي رواية ، قال : «أدنى التسبيح ثلاث مرّات وأنت ساجد» (١).
وفي أُخرى : أدنى ما يجزئ من التسبيح في الركوع والسجود؟ فقال : «ثلاث تسبيحات» (٢).
وهذه المذكورات هي التي يمكن أن يستدلّ بها على تعيين التسبيح ، وأنت خبير بأنّ أكثرها لا يخلو عن ضعف في سند أو قصور في دلالة ، وأظهرها دلالة هي الرواية العاميّة ، ورواية هشام بن سالم ، ومضمرة سماعة ، وصحيحة زرارة.
وحينئذٍ فيقع التعارض بينها وبين الأخبار الأوّلة ، وهي وإن كانت أصحّ سنداً ، وأظهر دلالة ، ومعمولاً بها أيضاً عند الحليّين (٣) الأربعة (٤) ، وجماعة من المتأخّرين (٥) كما قيل (٦).
لكن هذه الأخبار أيضاً معتضدة بالإجماعات المنقولة (٧) ، وبظاهر الكتاب ، والشهرة ، واستصحاب شغل الذمّة اليقيني ، وبالأخبار الكثيرة التي ذكرناها ، واليقين يحصل بالتسبيح.
فالأولى : عدم الاكتفاء بغير التسبيح وإن كان القول بالجواز أيضاً قويّاً.
والثاني : في كيفيّة التسبيح ، فقيل : يجوز مطلقاً ، ونسب إلى المرتضى في الانتصار (٨) ، ويظهر ذلك من استدلاله بعمومات التسبيح في القرآن أيضاً ، وإن كان
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٧٩ ح ٢٩٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ ح ١٢٠٩ ، الوسائل ٤ : ٩٢٦ أبواب الركوع ب ٥ ح ٥.
(٢) التهذيب ٢ : ٨٠ ح ٢٩٩ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ ح ١٢١٠ ، الوسائل ٤ : ٩٢٦ أبواب الركوع ب ٥ ح ٦.
(٣) في «م» ، «ح» : الحلبيين.
(٤) والحليّون هم ابن إدريس في السرائر ١ : ٢٢٤ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٨٠ ، والمحقّق في المعتبر ٢ : ١٩٥ ، والعلامة في المختلف ٢ : ١٦٥.
(٥) منهم الفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٢٠٨ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٢٨٦ ، وصاحب المدارك ٣ : ٣٩٢.
(٦) الحدائق ٨ : ٢٤٥.
(٧) انظر الانتصار : ٤٥ ، والخلاف ١ : ٣٤٩ ، والوسيلة : ٩٣ ، والغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٥٨.
(٨) الانتصار ١ : ٣٨٣ ، ونسبه إليه في المهذّب البارع ١ : ٣٨٣.