وتمييز المقيّد عمّا عداه إذا كان هذا القيد الذي فرضناه مأخوذا في عناوين الأدلّة الشرعية على سبيل التقييد ، كالأمثلة المتقدّمة ، بخلاف ما لو لم يؤخذ قيدا في عناوين الأدلّة ، كما سيتّضح وجهه إن شاء الله.
ووجه الحاجة إلى تصوّر القيد في القسم المزبور : ما أشرنا إليه من وجوب تشخيص المأمور به في حصول الامتثال ، لأنّ مطلق الصلاة في المثال المفروض ليس موضوعا للوجوب ، لأنّها قد تقع مندوبة ولو بالنسبة إلى غير هذا المكلّف ، أو بالنسبة إليه في غير هذا الوقت ، بل قد تقع محرّمة ، فالوجوب إنّما تعلّق بالصلاة المقيّدة التي هي المشتملة على المصلحة الوجوبية دون غيرها ، فهي المأمور بها ، وهي التي تدعو الغاية الحاصلة من فعل المأمور به إلى فعلها دون فعل مطلق الصلاة.
وما يتوهّم من أنّ المحوج إلى قصد القيد هو اشتراك العنوان بين فردين مأمور بهما فعلا ليتميّز امتثال أحد الأمرين عن الآخر ، فلا حاجة إلى هذا القصد إلّا في صورة تنجّز الأمرين ، دون ما لو لم يتنجّز في حقّه إلّا أحدهما ، أو لم يكن الآخر مأمورا به رأسا ، مدفوع : بما بيّنا في وجه الحاجة من أنّ المحوج إلى المميّز هو لزوم تصوّر الفعل على الوجه الذي به صار متعلّقا للأمر ، إذ تصوّره وقصده على غير ذلك الوجه لا يصحّ معه كون الداعي إلى فعله هو القرب الحاصل من امتثال هذا الأمر.
ولكنّك خبير بأنّ ما ذكرناه وجها لوجوب تصوّر القيد إنّما يتمّ فيما لو انحصر تعيين موضوع الأمر بذلك ، وأمّا لو أمكن تشخيصه بوجه آخر ، كما لو كان أحد الفردين واجبا والآخر مستحبّا كفريضة الصبح ونافلته ، أو