توضيح الفساد : أنّه لو فرض الأمر متعلّقا بعنوان التطهير ـ أعني رفع الحدث أو استباحة الصلاة ـ كان ذلك الأمر توصّليّا قطعا ، إذ لا يقصد منه عدا حصول التطهير في الخارج ولو لم يقصده ولم يشعر به ، إذ بعد حصوله على أيّ وجه يسقط الأمر جزما ، فالمأمور به بالأمر التعبّدي المدخل له في العبادات ، المعتبر فيها القصد القربة هي الأفعال التي تصير سببا لحصول التطهير في الخارج بعد إتيانها في الخارج منويّا بها بعد تعيّنها بجميع مشخّصاتها التقرّب إلى الله تعالى.
ونظير الأمر بالتطهير كلّ أمر يعنون بعنوان مترتّب على عبادة ، كأوامر الإطاعة وما في معناها ، كقول الآمر : ابرأ ذمّتك ممّا عليك ، فإنّ هذه كلّها أوامر توصّليّة لم تصدر لغرض التعبّد بمضمونها في الخارج.
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ الفعل المأمور به على جهة التعبّد لم يؤخذ فيه رفع الحدث ، والذي أخذ فيه رفع الحدث لم يؤمر على جهة العبادة (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : ما حقّقه ـ قدس سرّه ـ في غاية المتانة ، وقد أشار ـ بقوله :للاتّفاق ، إلى آخره ـ إلى أنّه لا خلاف في أنّه لا يجب على العبد في مقام الإطاعة إلّا إيقاع المأمور به على الوجه الذي تعلّق به التكليف بداعي امتثال الأمر ، كما أنّه لا شبهة في عدم كون قصد الاستباحة والرفع شرطا تعبّديّا في صحّة الوضوء ، فالخلاف في اعتبار قصدهما كالخلاف في اعتبار قصد الوجوب والندب ينشأ من النزاع في أنّ هذه الوجوه هل هي
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٨٧.