الواجب عليك قبل تحصيل الشرط أمران : أحدهما : فعل الوضوء ، والآخر : فعل الصلاة بعده ، فإذا توضّأت لأجل امتثال أمره هل تجد من نفسك احتمال بقاء الأمر بالوضوء وتنجّزه في حقّك بعد فعله كقبلة ، أم لا ترى إلّا توجّه الأمر بالصلاة في حقّك لا غير؟ وليس هذا إلّا لكون فعل الوضوء مسقطا لأمره المتعلّق به ، وهذا معنى صحّته ووقوعه بصفة المطلوبيّة ، وإذا وقع بهذه الصفة ، يمتنع انقلابه عمّا وقع عليه ، سواء لحقه فعل الغير أم لا.
وأمّا وجوب إعادته لو انتقض قبل فعل الصلاة ، فليس منافيا لذلك ، لأنّ العقل كما حكم بوجوب إيجاده أوّلا ، كذلك يحكم بوجوب إعادته بعد انتقاضه ما دامت الصلاة باقية على صفة المطلوبيّة.
ثمّ إنّ في المقام توهّما آخر ـ نظير التوهّم السابق ـ صدر من بعض الأعلام ، النافي وجوب مقدّمة الواجب مطلقا ، وهو : اختصاص وجوبها ـ على تقدير القول به ـ بما إذا كان المكلّف عازما على امتثال الواجب ، وإلّا فلا معنى لوجوب المقدّمة حال كونه بانيا على عصيان ذيها.
وكأنّ هذا البعض قاس الوجوب الشرعي بالإلزام العقلي الناشئ عن اللّابدّية والتوقّف الذي لا اختصاص له بمقدّمة الواجب ، ضرورة حصوله في مقدّمة الحرام أيضا ، فضلا عن غيره ، لأنّ كلّ من ينوي ارتكاب فعل من الأفعال ولو كان محرّما ، يلزمه عقله بتحصيل مقدّماته ، وأمّا الإيجاب الشرعي المولوي الذي يلتزم به القائل بوجوب المقدّمة ، فلا يعقل تعليقه على مشيئة المكلّف وعزمه على عدم عصيانه ، لاستلزامه إباحة