نعم ، يعقل أن يكون الفعل السابق مانعا من تأثير السبب اللاحق في توجيه الخطاب إمّا لقصور في سببيّته باختصاصه بما إذا لم يكن مسبوقا بالفعل ، وهذا غير مراد من الرواية جزما ، لأنّ الغسل الذي لا مقتضى له لا يلزمه حتى يكون الفعل مجزئا عنه ، وإمّا لخروج المحلّ عن قابليّة التأثير بحصول الغرض من الأمر ، وهذا كما إذا كان السبب مؤثّرا في حسن كون المكلّف بعد حصول السبب ممّن صدر منه غسل في ذلك اليوم في الجملة ، فالغسل السابق على هذا التقدير مجزئ عن ذلك الغسل بمعنى أنّه موجب لإحراز مصلحة ، وهذا بخلاف ما لو كان السبب مؤثّرا في طلب نفس الغسل ، فإنّ الإجزاء بالنسبة إليه غير معقول من دون فرق بين أن يكون الطلب استحبابيّا ، كمطلوبيّة الغسل بعد قتل الوزغة أو النظر إلى المصلوب ، أو وجوبيّا ، كمطلوبيّته بعد الجنابة.
والحاصل : أنّ الأغسال التي يجزئ غسل الجنابة عنها متخصّصة بحكم العقل بما إذا كانت أسباب لزومها حاصلة حال الغسل ، أو كان المقصود من الأمر بالغسل مجرّد حصول هذا الفعل منه في الخارج.
وكيف كان ، فدلالة الرواية على ما نحن بصدده ظاهرة.
وممّا يدلّ على جواز الاكتفاء بغسل واحد عن المتعدّد : قوله عليهالسلام في رواية شهاب بن عبد ربّه : «وإنّ غسّل ميّتا ثم توضّأ ثم أتى أهله يجزئه غسل واحد لهما» (١).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٥٠ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٤٤٨ ـ ١٤٥٠ ، الوسائل ، الباب ٤٣ من أبواب الجنابة ، الحديث ٣.