بالنسبة إلى هذا البعض ، لكونه مأمورا به ، والأمر يقتضي الإجزاء.
وهل يجزئ عمّا عدا المنويّ أم لا؟ فيه تفصيل.
وتحقيقه : أنّا لو بنينا على أنّ متعلّق الأوامر هي نفس الأغسال بعناوينها الخاصّة ، كغسل الجنابة والحيض والجمعة وغيرها ، فلا يعقل الإجزاء إلّا بالقصد ، لا لدعوى أنّ أوامر الغسل تعبّديّة لا تسقط إلّا بالإطاعة ، والإطاعة لا تتحقّق إلّا بالقصد حتى يتوجّه عليها : منع كونها تعبّديّة على الإطلاق ، بل القدر المتيقّن توقّف صحّة الغسل على قصد القربة في الجملة ، وأمّا قصد امتثال أمره بالخصوص فلا ، والمرجع في مثله البراءة ، كما تقدّم تحقيقه في مقام تأسيس الأصل في نيّة الوضوء ، بل لأجل أنّ هذه العناوين بنفسها ممّا لا يتّصف الفعل بها إلّا بالقصد ، نظير عنوان الوكالة والتأديب ممّا لا يتّفق إلّا بالقصد.
وإن قلنا : إنّ الأمر بالأغسال إنّما هو لأجل كونها مؤثّرة في التطهير ، وأنّ المطلوب الواقعي إزالة أثر الجنابة وأثر الحيض والاستحاضة والنفاس ـ كما ليس بالبعيد ـ فعنوان الواجب على هذا التقدير في غسل الجنابة إزالة أثر الجنابة ، وفي الحيض إزالة أثره ، وهكذا.
فإن علمنا ببيان الشارع أنّ الغسل الصحيح مطلقا ، أو خصوص غسل الجنابة مثلا مزيل لهذه الآثار ولو لم يشعر بها المكلّف ، فلا إشكال في سقوط الأوامر ، لحصول ما هو المقصود منها وإن لم تتحقّق إطاعتها فيما عدا المنويّ ، لأنّ المدار في سقوط الأوامر حصول الغرض ، لا تحقّق الإطاعة.
وأمّا لو لم يعلم ذلك ببيان الشارع ، فلا سبيل لنا إلى إحرازها والعلم