بسقوط أوامرها إلّا بالاحتياط بتكرار الغسل ، أو إيجاد غسل واحد بقصد الجميع ، إذ ليس أثر هذه الأسباب أمرا حسّيّا حتى يدرك زواله بالحسّ ، ولا ممّا تناله عقولنا حتى يستكشف بالعقل ، فالطريق منحصر ببيان الشارع ، والمفروض انتفاؤه ، فيجب الاحتياط ، تحصيلا للفراغ اليقيني عن التكليف المتعلّق بمفهوم مبيّن ، وليس المورد ممّا يجري فيه البراءة على هذا التقدير ، كما لا يخفى.
نعم ، لا يخلو القول بكفاية خصوص غسل الجنابة عن غيره مطلقا عن قوّة ، بل في طهارة شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ : والمشهور : الاجتزاء به عمّا عداه ، بل صريح السرائر وجامع المقاصد : الإجماع عليه. وفي شرح الجعفرية : عدم الخلاف فيه ، وكذا في شرح الموجز رادّا بذلك على من حكى قولا بعدم الاجتزاء به عن غسل الاستحاضة. ولعلّ في هذه الإجماعات كفاية (١). انتهى.
ويدلّ عليه : مرسلة الجميل ، المتقدّمة (٢) : «إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر ، أجزأه غسله ذلك عن كلّ غسل يلزمه في ذلك اليوم».
وأمّا الاستدلال عليه : بإطلاق صحيحة زرارة ، المتقدّمة (٣) : فقد عرفت ضعفه. وكذا الاستدلال بما عداها من الأخبار المتقدّمة ، لظهورها في كفاية الغسل المأتي به بقصد المأتي به بقصد الجميع ، فلا تعمّ الفرض.
__________________
(١) كتاب الطهارة : ١٠٢ ، وانظر : السرائر ١ : ١٢٣ ، وجامع المقاصد ١ : ٨٧ ، وكشف الالتباس ١ : ١٨١.
(٢) تقدّمت في ص ٢٧٦.
(٣) تقدّمت في ص ٢٧٠.