غير مبالغة ـ ما حكي عن الذكرى في تفسير الخفيف والكثيف ، حيث إنّه قدسسره ـ بعد أن فسّر الشعر الخفيف : بما ترى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب ـ قال : أو هو ما يصل الماء إلى منبته من غير مبالغة (١).
وكيف كان ، فلا ينبغي التأمّل في عدم وجوب غسل البقعة الواقعة في وسط اللحية المحيطة عليها من نواحيها ، لصدق الإحاطة التي هي مناط الحكم ، وعدم صحّة دعوى الانصراف عن مثله ، وكون إصابة الماء إليها بحثا وطلبا ، فلا يجب غسلها جزما ، كما أنّه لا يجب غسل ما يستره الشارب وغيره بالاسترسال إذا كان الموضع المستور قريبا من منبته ، وإلّا ففيه إشكال ، لإمكان دعوى كون الأخبار منزلة على الغالب ، وهو غير هذا الفرض وإن كان دعوى انصراف قوله عليهالسلام : «كلّ ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه» (٢) إلى آخره ـ بعد سؤال السائل : أرأيت ما كان تحت الشعر؟ ـ عن مثل الفرض قابلة للمنع ، لا لأنّ العموم المستفاد من الرواية مستند إلى الوضع لا يحسن فيه دعوى الانصراف حتى يتوجّه عليه أنّ عمومه اللغوي إنّما هو بالنسبة إلى المواضع التي يجب غسلها لا بالنسبة إلى مصاديق الإحاطة ، فإنّ كفاية كلّ إحاطة إنّما تستفاد من الإطلاق لا العموم ، بل لدعوى أنّ المفروض من المصاديق الجليّة لدى العرف بل أظهر المصاديق الذي ينصرف إليه الذهن في مورد السؤال.
ودعوى ندرته يمكن منعها ، فترك الاستفصال في مثله يفيد
__________________
(١) الذكري : ٨٤.
(٢) الفقيه ١ : ٢٨ ـ ٨٨ ، الوسائل ، الباب ٤٦ من أبواب الوضوء ، الحديث ٣.