والذي يقتضيه الإنصاف أنّ منع حصول امتثال الأمر بمسح الرّجلين مع وجود الشعر بل إحاطته عليهما فضلا عن الشعر الخفيف ، مكابرة للوجدان ، وتكذيب لما أطبقت عليه كلمة العرف.
أترى أنّه لو أمر المولى عبده بإمرار يده على ساقه أو ساعده أو غيرهما من أعضائه هل يخطر بباله إزالة الشعر أوّلا مقدّمة للامتثال؟ حاشاهم عن ذلك ، بل الشعر المخصوص بكلّ عضو يعدّ عرفا من توابع ذلك العضو.
بل قد عرفت في مسح الرأس أنّ من أقوى الأدلّة على كفاية مسح الشعر المختصّ بالمقدّم كونه عرفا من توابعه ، وانسباق الذهن إلى مسحه من الأمر بمسح مقدّم الرأس ، إلّا أنّك خبير بأنّ البحث عن كفاية مسح الشعر عن البشرة قليل الجدوى ، لأنّ الشعر المخصوص بالرّجل ـ على ما هو الغالب المتعارف ـ ليس بحيث يوجب قطع خط المسح عن نفس البشرة ، بل يحصل مسح مقدار المسمّى بإمرار اليد ولو مع وجود الشعر.
ولعلّ هذا هو الوجه لإهمال العلماء ـ رضوان الله عليهم ـ ذكره في خصوص المقام ، وعدم تصريحهم بقيامه مقام البشرة.
وأمّا ما استظهروه من كلماتهم : ففيه منع ظاهر ، بل الظاهر أنّ إقحام لفظ البشرة في عبائر بعضهم ليس إلّا للتحرّز عن المسح على ما يعدّ حائلا بنظر العرف ، كالخفّ ونحوه ، لا الشعر ، كما يدلّ عليه تفريعاتهم ، كيف؟! ولو كان مقصودهم من الحائل ما يعمّ الشعر ، لكان عليهم التنصيص في مقام التمثيل ، دفعا للاشتباه ، فكان التصريح به أولى من ذكر